على مستوى اللقاءات المباشرة في مناقشة الشأن الفكري العربي، وبقية الشؤون الأخرى، نظَّل نجد أنَّ العرب لا يزالون ينظِّرون...، ويتكلَّمون كثيراً ولا يفعلون...، ويقولون ما لا يعملون...، ويجتمعون من كلِّ صوبٍ ومرفأ، ويجلسون على أيِّ مقعد حتى لو لم يناسبهم...
والسؤال: إلى متى ونحن نجيد تنميق الكلام...، ولا نُقْدم على العمل به؟
وكيف يمكن أن تتحوَّل أطروحات الأبجديات المشافَهة، إلى منظومات الأفعال المنفذَّة؟...
فهم يتحدثون كثيراً عن الغزو بأنواعه، الفكري، والثَّقافي، والاقتصادي...،
عقود وعقود ونحن نسمع هذه المصطلحات ولم نجد أسلوباً عملياً واحداً يمكن أن نؤكد به خطوة العربي إلى ما هو أبعد كي يغزو هو بفكره أو صناعته أو عمله بأيِّ تصنيف يكون، حيث يقال إنَّه غزا به مجتمعاً غير مجتمعه. حتى أولئك الذين يغتربون يتبنَّون الفكر، والنهج، والأسلوب كثيراً للمجتمع الذي يندمجون فيه وبه ومن ثمَّ يكونون مسخاً آخر يضيف إلى استلاب الهويَّة أنماطاً أخرى من الاستلاب الغربي للعربي...
وهم يتحدثون كثيراً عن القدوة، ويركِّزون على أهميَّة الاقتداء بالخَلَف، بينما هم في طرحاتهم النظريَّة الفكريَّة، وفي مساراتهم العمليَّة السلوكيَّة لا يمثلون ما يقولون، وإلاَّ فأين من أساتذة الجامعات، والأدباء المفكِّرين، والمربين المخطِّطين، والمنفِّذين في ساحات عملهم ومجالات تنفيذهم من يسلك سلوك الخَلَف مع الناشئة؟
وهم يتحدثون عن مواجهة المتغيَّرات فماذا فعلوا للمواجهة؟
ألا يحقُّ للصغار الآن أن يرفعوا أصواتهم في واجهة المنصَّات ويلقوا بالحقيقة في أوجه المجتمعين وهم يقولون لهم: أينكم عنَّا؟...
فيما هم مشغولون بلملمة أوراقهم المحبَّرة، كي تستقرَّ داخل حقائبهم، كي يضعوها وسادات تحت رؤوسهم عندما يأخذون قسطاً من الغفوة يستيقظون بعدها لفتح الملفَّات، وإلقاء المحاضرات، ورفع الأصوات بمزيدٍ من عبارات التنظير، وبكثير من الكلام، في مواسم الكلام التي لا تزال هي القائمة على مدى عمر العربي الذي أهدره في الكلام؟!
أما آن للفعل أن يرفع صولجانه...
ويحرِّك دفَّات قواربه...
ويعلن المسار؟!
|