مع بدء أولى خطوات خصخصة التعليم العالي في المملكة التي أعلنتها وزارة التعليم العالي بإصدارها عشرات التراخيص لإنشاء الكليات والجامعات الأهلية ظهرت الحاجة لايجاد كوادر علمية وطنية تستطيع تأسيس تلك الكليات والجامعات والمشاركة في مسيرتها العلمية.
فخلال سنوات طويلة مضت عجزت جامعاتنا الحكومية عن منح الدرجات العلمية العليا بالاعداد المطلوبة رغم امكاناتها الهائلة ولم يبلغ عدد من حصلوا على «الدكتوراه» من جامعاتنا مجتمعة ما تخرجه جامعة واحدة في مصر أو السودان مثلاً بالرغم من فارق الامكانات المادية والفنية.
ورغم اننا لسنا في سباق مع هذه الجامعات بالطبع ورغم ان شعار جامعاتنا «الكيف قبل الكم».
إلا أننا أصبحنا في سباق مع الزمن لن تستطيع جامعاتنا وكلياتها ان تواكبه ما دامت مصرة على إجراءاتها «التعجيزية» في قبول ومنح الشهادات العليا بحجج واهية وغير منطقية.
أما خوف بعض أساتذة الجامعات المتعاقدين على فرص عملهم من السعودة فيجب ان يزول الآن حيث ان تدشين سبع عشرة جامعة وكلية أهلية في عام واحد سيعني مئات الفرص الوظيفية أمام أساتذة الجامعات وفي مختلف التخصصات وسيعني التهام كافة المتقدمين للعمل سواء من السعوديين أو من غيرهم.
ولأننا بالطبع لا نتصور سعودة كافة أعمال تلك الجامعات والكليات في الوقت الراهن على الأقل.. ولكننا نطمح لمشاركة سعوديين في تدريس أبنائنا في بلدهم رغم ان تلك الجامعات الأهلية ستبحث عن - الرخيص- وستسعى للتعاقد مع الأقل تكلفة أياً كانت جنسيته وبلده إلا أن وزارة التعليم العالي ومن خلال أنظمتها قد تجبرها لاحقاً بنسب معينة من السعوديين في هيئتها التدريسية أسوة بغيرها في ميدان التعليم الأهلي إلا أنها ستكون في حلٍّ من ذلك الالزام ما دام ان الجامعات لا تخرجهم أصلاً وما دام ان الجامعات الحكومية نفسها نسب السعودة فيها متدنية واعداد المتقاعدين عن العمل من سعودييها أكثر من اعداد الممنوحين لشهاداتها العليا.
أما جيراننا في الدول العربية القريبة التي تصدر الينا حملة الدكتوراه بالمئات سنوياً فقد وعت الأمر جيداً ولم يعد الحصول على الدكتوراه يتطلب السنوات الطوال من الانتظار والبيروقراطية وأصبح الشاب في الثلاثينيات من عمره يطل على طلبتنا بشهادة الدكتوراه بعد ان كنا لا نرى منهم إلا «الشيبان وكبار السن» وأصحاب الخبرة ذلك ان سوق العمل الخليجي يتطلب المزيد من «الدكاترة» واختصار سنوات الدراسة مطلوب في «عصر السرعة» وليس مهماً مقدار التحصيل العلمي بل مسمى الشهادة يكفي وربما مستقبلاً نجد من اخواننا العرب من يدرس في جامعاتنا الأهلية وهو في سن تصغر سن طلابه.
أما جامعاتنا «الموقرة» فمازال الحصول على الدكتوراه حتى وان كان موضوعها «إن وأخواتها أو كان وبنات عمها» وليس في علم الذرة أو الفضاء أو برمجة الحاسب الآلي لابد أن يمر عبر قنوات تعجيزية وروتين قاتل وموافقة كافة الأجانب والمتعاقدين في الكلية على موضوع الرسالة وخطة البحث مروراً بمجالس القسم ثم الكلية فمجلس الجامعة وربما مستقبلا مجلس الجامعة العربية أو هيئة الأمم المتحدة!!
إننا بالطبع لا ننادي بالتهاون في منح الدرجات العلمية أو التجاوز في مستواها البحثي أو العلمي ونؤكد على قضية «الكيف قبل الكم» ولكننا في الوقت نفسه نطالب جامعاتنا بمسايرة متطلبات سوق العمل وبأهمية النظر إلى المتغيرات الحالية التي بدأت تفرض نفسها على الساحة مما يحتم عليها إعادة النظر في قوانينها وأنظمتها التي لابد ان تضع في اعتبارها المصطلحات الجديدة التي يعيشها واقعنا الحالي وألا تكون بعيدة عن قضايا كبرى مثل «الخصخصة والبطالة والسعودة» وهي المحاور التي تدور حولها عجلة التنمية والبناء في بلادنا حالياً.
|