«المكتوب باين من عنوانه».. مدخل لمثل شعبي يؤكد فعلاً أن العنوان هو الرسالة الحقيقية للمعطى الإنساني الذي يترجم المشاعر على هيئة رسالة يصوغها بقدر من العناية تختلف من شخص لآخر؛ وفق قدرات قائلها أو كاتبها؛ إلا أن العنوان هنا يعكس حقيقة الخطاب؛ وأبعاده النفسية والمعنوية.
عناوين القصائد دائماً هي البيان الخطير والشاق للشاعر؛ فقد يفوق تعبه في إنشاء عنوان القصيدة مشروعه في القصيدة كاملة.. لتترجم هذه الإشارة الأولى ما يرمي إليه الشاعر في إنشاده وولعه في قول الشعر.
كما أن العنوان في الكتابة النثرية لا يختلف كثيراً عن الشعر لأن العنوان يحمل شعلة البوح؛ بل مفاتيحه المهمة. فقد يكون العنوان هو الفكرة الرئيسة في الموضوع؛ لتتكشف في هذا السياق قدرة الكاتب على إيضاح مراميه من العنوان؛ لذلك نجد أن العناوين هي معارف عامة يتداولها الجميع ثم يذهب كل واحد في معالجته الخاصة لأي قضية ما؛ ليسعى من خلالها إلى إيصال رسالة ما إلى من يريد.
لنقل مثلاً «خطورة الجهل».. كم من كاتب توج مقالته بهذا العنوان لكنك ترى أن التناول مختلف بما تقتضيه ضرورة البحث في هذا الأمر أو ذاك؛ لكن «الجهل الخطر» أن يظن شخص ما أن عناوين رسائله البسيطة هي فتح خارق وعلامة مسجلة باسمه؛ فالعنوان في النهاية يبين دائماً خطاب صاحبه.. جميله وقبيحه..
| 
