سعادة الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة الموقرالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد اطلعت على ما نشر في صحيفة الجزيرة العدد «11367» في يوم الأربعاء 17 رمضان 1424هـ للكاتب عبدالله بن بخيت في زاويته «يارا» بعنوان «نصيحة لكل أب»، وما تطرق له الكاتب عن ضحايا التفجير في مجمع المحيا بمدينة الرياض «واستهداف الإخلال بالأمن وزعزعة الاستقرار.. وتوفير الشباب لانجاز هذه الأعمال الاجرامية وأنها مسؤولية البيت ومسؤولية الأم والأب..» الى أن ذكر في مجمل نصيحته «بألا يكون لأي انسان سلطة أو قدرة على توجيه ابنك غيرك وغير والدته، أما العلم والمعرفة فيجب أن يتلقاها من أستاذه في المدرسة وليس من أي مكان آخر مهما كان هذا المكان، ففي الأمور الدينية عليك بعد الآن ألا تثق في الكتب المدرسية التي اعتمدتها وزارة التربية والتعليم.. وأي توجيه خارج البيت أو المدرسة يجب أن يتوقف وعليك أن تمنعه من دخول بيتك...» إلخ ما ذكره الكاتب. أود في البداية أن أوضح أن هذه الأعمال الاجرامية محرمة لما فيها من قتل الأبرياء وترويع الآمنين وقد بيّن العلماء بشاعة وسوء هذه الأعمال، ويكفي قول الله تعالى {أّنَّهٍ مّن قّتّلّ نّفًسْا بٌغّيًرٌ نّفًسُ أّوً فّسّادُ فٌي الأّّرًضٌ فّكّأّنَّمّا قّتّلّ پنَّاسّ جّمٌيعْا}[المائدة: 32]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لزوال الكعبة أهون عند الله من إراقة دم إمرئ مسلم» أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وهذه الحقيقة اتفق عليها جميع عقلاء المجتمع لكن محك الحوار هو طريقة الكاتب في معالجة المشكلة والنظر في أسبابها.
ومن خلال ما سبق أود توضيح الآتي:
1- ما زال الكاتب يكرر كتاباته في زاويته دون أي تجديد فهي إما كتابات عن مغامراته الشخصية وإما تدور حول «اللحية - حلقات تحفيظ القرآن - الأشرطة والكتيبات الإسلامية..» وبأسلوب ساخر تارة والتحذير منها تارة أخرى، ويحاول من خلالها أن يثبت للقارئ بأن مشكلاتنا التي نعيشها هي بسبب ذلك، وهذا مخالف للواقع وتجنٍ غير مبرر، وفي المقابل لا نجد منه هذا التحذير عن بعض القنوات الفضائية والمجلات وغيرها التي غيرت سلوك بعض الشباب والفتيات سواء في اللبس أو طريقة قص الشعر وبطريقة لم نعهدها قبل ذلك أو في تصرفاتهم الأخرى من عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام والسرقات وتعاطي المسكرات والمخدرات..، فأين العدل والانصاف؟ ولماذا لا يكون الحديث موجهاً للمفرطين؟!. فكما أننا لا نرضى الإفراط ومجاوزة الحد فإننا لا نرضى التفريط أيضا، فديننا القويم يحثنا على الوسطية وعدم الغلو.
2- طالب الكاتب «بايقاف أي توجيه خارج البيت أو المدرسة بل ومنعه من دخول البيت»، وكأن الكاتب يريد أن يلغي جميع الوزارات باستثناء وزارة التربية والتعليم، وأقول ان الوزارة التي تشرف على المساجد وحلقات تحفيظ القرآن هي وزارة الشؤون الاسلامية وهي جهة رسمية وضعتها الدولة - وفقها الله لكل خير - فلماذا يريد الكاتب تهميش وزارات لها مهام ومسؤوليات مناطة بها؟! وكما ان المساجد هي المصدر الأول للتعليم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده والتابعين، فما المانع أن يؤدي المسجد رسالته وتحت اشراف جهة رسمية مخولة من الدولة؟.
3- ذكر الكاتب «بأن كل سعودي هو مسلم حقيقي لا يحتاج الى حملات توعوية ومطويات وأشرطة وغيرها..»، وأقول إننا نحمد الله أن جعلنا مسلمين وجعلنا في بلاد الحرمين مهبط الوحي أفضل البلاد التي تحكم شرع الله، ويجب أن نشكر الله على هذه النعمة قولاً وعملاً. وقد أحسن الكاتب عندما لم يقل بأن كل سعودي يولد عالماً ومتربياً وليس بحاجة لدراسة الطب والطيران والهندسة وغيرها من العلوم المختلفة، وإلا فإن السعودي كغيره يحتاج الى توجيه وحملات توعوية وليس كما ذكر الكاتب، ولا أدل على ذلك من الحملات التوعوية التي تنظمها وزارة الداخلية سواء المتعلقة بالمرور أو الجوازات أو التي تحذر من المسكرات والمخدرات وكل ما من شأنه الحفاظ على الأمن بصورة عامة وما حققته تلك الحملات التوعوية والمطويات والأشرطة من النجاحات على الصعيد المحلي أو الدولي، أو حملات ومطويات بعض الوزارات الأخرى كالتي تطالب بعدم الاسراف في استخدام الماء والكهرباء أو التي تتعلق بالصحة وغيرها كثير، فهل يعقل أن نسلم بما قاله الكاتب؟!!.
4- ومن نصائح الكاتب التي ذكرها في مقاله «لأنك غير متخصص لا يمكن ان تختبر الكتاب أو النشرة أو الشريط الصالح من الطالح، لذا من باب السلامة لابنك دينياً ودنيوياً، جنبه أي مصدر للمعرفة الدينية من خارج البيت أو المدرسة» هكذا ذكر الكاتب، وأقول ان هذا الاطلاق ليس في محله ولا يعالج المشكلة، وإلا فإن الكتب والنشرات والأشرطة الصالحة مفسوحة من وزارة الإعلام والثقافة وهي جهة رسمية تعنى بهذا الشأن، إلا إذا أراد أن يلغيها - كما ذكرت سابقاً -، أما إذا كان الكاتب لا يفرق فهذا شأنه وحده وليس له أن يعمم!!.
5- ذكر الكاتب أيضاً «فالمسلم الصادق يمكن ان يطيل لحيته والمجرم أيضا لديه القدرة على اطالة لحيته»، وأقول هذا صحيح وأشارك الكاتب فيما يقول بل وأزيد بأن الكاتب الصادق الذي يهتم بمصلحة الوطن والمواطن يمكن ان يكتب وهدفه ظاهراً وباطناً هو الاصلاح، وعكس ذلك الذي يظهر الاهتمام بمصلحة الوطن والمواطن ويمكن ان يكتب وهدفه ظاهراً هو الاصلاح بينما يهدف باطنا الى الفرقة وشق الصف والاثارة وتعقيد المشكلة!!.
6- يحق لي وللقارئ الكريم أن نطرح هذين السؤالين على الكاتب - هداه الله -، ونقول: ما السبيل إذا كان البيت يتربى على المسلسلات والقنوات التي تخدش الحياء؟ وما السبيل إذا كان الأب والأم في البيت غير قادرين على تحمل مسؤولية التربية والتعليم لأي سبب من الأسباب، فأين يتربى ويتعلم الشاب أو الفتاة؟!! بل نجزم بأنه سيصير صيداً سهلاً لمروجي المخدرات وسيلجأ للسرقات وسيكون عرضة للوقوع في الجرائم الأخلاقية. وقد يقول الكاتب إذا لم ترغب في مشاهدة الإعلام المرئي وغيره فلا تفعل واغلق جميع الأبواب المؤدية لذلك، وأقول إذا لم ترغب بالحاق أولادك في حلقات تحفيظ القرآن الكريم فلا تلحقهم!! ولكن لماذا تحرم الناس هذا الخير العظيم الذي تشجعه الدولة وتفتخر به بل وتدعمه مادياً ومعنوياً، ولا أدل على ذلك من مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم التي تقام سنوياً وكذلك مسابقة الأمير عبدالله التي ينظمها الحرس الوطني ومسابقة الأمير سلطان ومسابقة الأمير سلمان وغيرها من المسابقات التي تشرف عليها جهات رسمية.
7- اذكّر نفسي والكاتب والقراء الكرام بقول الرسول صلى الله عليه وسلم «إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً» أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وبما قاله حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - حيث قال:«كان الصحابة يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت اسأله عن الشر مخافة الوقوع فيه».
وختاماً، يجب أن يتربى المجتمع المسلم تربية صحيحة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الذي قال:«تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي».
فبقدر بعدنا عن هذين المصدرين سيكون جهلنا واستغلال أعدائنا لنا بما يذلنا ويعزهم. نسأل الله أن يكفينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
م. سامي بن عبدالمحسن الطريقي - الرياض
|