حينما تذكر مواقف الشهامة فإن للراحل الأمير طلال العبدالعزيز الرشيد رحمه الله نصيباً منها وسأذكر لكم هذه القصة التي حدثت معي وتصنف من ضمن شهاماته ومواقفه العديدة.
في شتاء عام 2001م ذهبت أنا وبعض الأصدقاء للجزائر في رحلة صيد وكانت الموافقات التي بحوزتنا في ذلك الوقت هي تصاريح سياحية حصلنا عليها من أحد المكاتب السياحية في الجزائر وعندما وصلنا الى مدينة غردايه بالجزائر فوجئنا بأن التصاريح السياحية التي حصلنا عليها لا تخولنا لدخول الصحراء فطلب منا المسؤولون أن تكون اقامتنا في مخيم بجانب الطريق حتى يتسنى لهم اصدار تراخيص جديدة تخولنا لدخول الصحراء فقررنا أن نتجول بمحاذاة الطريق ولا نتوغل أكثر من عشرة كيلو مترات لكي لا نخترق الأنظمة المعمول بها هناك وكان هذا بالتنسيق مع أحد المسؤولين بالمدينة وقد قال لي شخصياً بأن هذا الاجراء مؤقت ولكن تقديراً للمملكة ومواطنيها فسأتحمل مسؤولية هذا الشيء، وفي أحد الأيام توقفنا للراحة وتناول طعام الغداء بعيداً عن الخط العام ما يقارب خمسة كيلو مترات وفوجئنا بأن أحد ضعفاء الأنفس الذي شرب الحقد منذ صغره ومنذ نعومة أظافره قد أبلغ المسؤولين بالعاصمة بأن جلوي بن سعود يتجول في الصحراء من غير ترخيص فإذا بمجموعة من سيارات الدرك تحيط بنا وبرفقتهم أحد مرافقي ضعيف النفس (الخوي الخاص) وإذا بالخوي يشير باصبعه إلينا للتوضيح بأن المبلغ عنهم من قبل (المعزب) ها هم بشحمهم ولحمهم فنزل قائد الدرك متجها صوبي وسألني أنت جلوي؟ فأجبته بالايجاب فقال لي: إن هؤلاء الجماعة قد بلغوا عنك وإن المسؤول يعتذر منك ويأمرك بعدم مغادرة المخيم لحين الحصول على التراخيص، عدت بعدها الى المخيم ولم أكن استغرب ذلك التصرف، بعدها بيومين تلقيت اتصالاً من منزلي يفيد بأن طلال يبحث عنك ويرغب الاتصال بك للضرورة فأدركت أنه أبو نواف وحينما اتصلت به رحمه الله وجدته منفعلاً ويقول لي: كيف حصل هذا؟!
ثم استدرك رحمه الله وأسكنه فسيح جناته توجه فوراً إلى منطقتي وأنا سأقوم باستقبالك ونترافق فقلت له: يا أبا نواف أخشى أن أتسبب في بعض المشاكل لك ولكني سأنتظر قليلاً فإن لم أحصل على التراخيص سأتوجه إليك، فقال رحمه الله: مهما حصل سأكون في استقبالك. نعم فلن يبقى للرجال سوى مواقف الشهامة والعز فهي التي تخلد ذكراهم ليكونوا قدوة لأجيال قادمة رحمك الله يا صديقي العزيز وأسكنك جناته وإنا لفراقك يا أبا نواف لمحزونون.
|