Friday 5th december,200311390العددالجمعة 11 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ماذا بعد رمضان؟ ماذا بعد رمضان؟
مالك ناصر درار

ها هو رمضان قد رحل عنا بعد أن أفاض علينا بخيراته ورحماته الربانية، التي أدخلت في القلوب السكينة الإيمانية، والتي نفتقدها اليوم، وما أحوجنا إليها في ظل هذه الأوضاع المأساوية التي تعيشها أمتنا العربية والإسلامية، وفي رمضان أيضاً، يكون سلوك المسلمين العام في افضل حالات التواصل الأسري والاجتماعي، وهذا السلوك القويم هو مطلوب في كل «مراحل المسلم، ولكن الغفلة تأخذ منا مأخذا مهلكاً، بحيث يرى أحوالنا خارج رمضان تكون في أصعب حالات الارتباك والتخبط في السلوك.
ما أجمل سلوك الإنسان المسلم في رمضان، ففيه ترى الاستقامة، وترى المساجد تزدحم وتزدان بالمصلين، بحيث صارت المساجد خلال أيام الشهر ولياليه أنوارا تشع منها روحانية الإيمان الصادق، الذي أضاء للقلب فيضا من الرحمة الربانية التي وسعت كل شيء، ما أجمل تلك القوافل الإيمانية التي عمرت المساجد بالطاعة والعبادة، والسؤال المطروح دائماً، ماذا بعد رمضان، وكيف سيكون سلوك المسلم بعد الشهر الكريم؟ للأسف الشديد الكثير من الناس لا يلتزمون بتلك الطاعة سوى في رمضان، وكأن العبادة لم تفرض على العباد سوى في هذا الشهر، وهذا من الأخطاء الفادحة التي يرتكبها البعض في حق نفسه وحق خالقه سبحانه وتعالى.
إن رحيل رمضان بالنسبة للنفوس المؤمنة المخلصة في عبادتها لخالقها يمثل خسارة، لأن تلك النفوس في طاعتها وعبادتها تبتغي الخير ومرضاة ربها وهي - أي النفوس المؤمنة- تحرص كل الحرص على اغتنام فرص التقرب إلى الله بطاعتها وحسناتها، وفي رمضان تكثر الطاعات والحسنات من صلاة وصيام وزكاة وصلة رحم، تقرباً للمولى الكريم، فما أعظم هذا التواصل بين العبد وربه، وبين العباد أنفسهم، لأن الطاعة والعبادة في رمضان يضاعف ثوابها لذلك ترى الناس يحرصون على اكتساب ذلك الثواب بدرجاته العالية.
وفي المقابل هناك النفوس الضعيفة في الإيمان التي لا تلبث على حال الطاعة، فتراها بمجرد انتهاء الشهر الكريم، تنجرف وراء الملهيات والمغريات من الحياة، فلا تقيم وزنا لمعنى استقامتها، ولذا هي تفقد من أعماقها المعنى الحقيقي للطاعة والعبادة فلا تحس بقوة الأثر الجمالي لمعنى الطاعة، وهو اثر كما نعرف يمد النفس البشرية بمشاعر السكينة والقوة على الصبر والتحمل في مواجهة كل متاعب الحياة، والنفوس التي تفتقد الإيمان الحقيقي، هي التي تعيش مهزوزة في سلوكياتها وقرارها، ومتوترة عند كل نائبة وحادثة تصيبها، فلا عجب أن نرى ذلك التوتر لأن الإيمان الحقيقي لم يلامس شغاف قلوبهم، فهم يعيشون في شبه ضياع، وهذا ما تعانيه تلك النفوس جراء أعمالها وأفعالها التي لا تستقيم مع الفطرة، نتمنى أن نكون على منهج الله القويم في كل أحوالنا، فبه تستقيم حياتنا، وبدونه سنظل في دوامة الضياع، نسأله سبحانه وتعالى الهداية والصلاح.
* همسة قصيرة
في مواقف كثيرة، ما أسهل الكلمة وما أصعب الفعل.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved