|
|
كنت قد ذكرت في مقال سابق ان سمو الامير فيصل بن مشعل بن عبدالعزيز قد اتحفني باهدائه لي مجموعة من الكتب كان قد قام بجمعها أو تأليفها ومن ضمنها كتاب بعنوان (رسائل ائمة دعوة التوحيد) تضمن رسائل الأئمة من آل سعود رحم الله من سلف وحفظ الخلف وكان اولهم الإمام محمد بن سعود وهو مؤسس الدولة السعودية الأولى ومن ثم تعاقب الائمة حتى آل الامر الى خادم الحرمين الشريفين متعه الله بالصحة والعافية ولكل من هولاء رسائل لا يتسع المقام لسردها وانما لجزء منها ولتصفحي تلك الرسائل التي حواها هذا الكتاب القيم تبين لي عظمة اولئك الرجال اذ هم رجال علم ودين وسياسة وحكمة ويتضح من اسلوبهم بتلك الرسائل الشجاعة وقوة البأس والثقة بالنفس والاعتماد على الله والاحتكام الى كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل امورهم حتى في مخاطبة الآخرين من حكام وامراء وعلماء واصدقاء وخصماء من عرب وعجم مسلمين وغير مسلمين ومن رسائلهم تجزم ان واحدهم تعلم على ايدي علماء في الدين وفي السياسة وفي اللغة والادب والتاريخ وحتى في الشعر بينما لم يذكر ان واحداً منهم دخل مدرسة ليتعلم فيها القراءة والكتابة كما هو الحال الآن وان دل ذلك على شيء فإنما يدل على الذكاء والقدرة في الاستيعاب والسرعة في الفهم والقوة في الإدراك ولقد اخترت من هذا الكتاب أطول رسالة وهي للإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد آل سعود موجهة الى سليمان باشا السلطان العثماني آنذاك (1687م) كرد على رسالة وجهها الى الامام سعود بن عبدالعزيز منتقدا رسالته الى يوسف باشا وأنها على غير ما أمر الله به ورسوله من الخطاب للمسلمين بمخاطبة الكفار والمشركين وان هذا حال الضالين واسوة الجاهلين كما قال تعالى: {فّأّمَّا الذٌينّ فٌي قٍلٍوبٌهٌمً زّيًغِ فّيّتَّبٌعٍونّ مّا تّشّابّهّ مٌنًهٍ ابًتٌغّاءّ الفٌتًنّةٌ} الرسالة مؤرخة في 14/11/1225 من الهجرة مكونة من 24 وربع صفحة بالخط العادي وقد ابتدأها بالقول: فنقول في الجواب عن ذلك: اننا متبعون ما امر الله به ورسوله وعباده المؤمنون بقوله تعالى: {ادًعٍ إلّى" سّبٌيلٌ رّبٌَكّ بٌالًحٌكًمّةٌ وّالًمّوًعٌظّةٌ الحّسّنّةٌ وّجّادٌلًهٍم بٌالَّتٌي هٌيّ أّحًسّنٍ} وقوله تعالى: {قٍلً هّذٌهٌ سّبٌيلٌي أّدًعٍو إلّى اللَّهٌ عّلّى" بّصٌيرّةُ أّنّا وّمّنٌ اتَّبّعّنٌي} وذلك ان الله اوجب علينا النصح لجميع امة محمد صلى الله عليه وسلم ثم دخل في صلب الرسالة وقد ابتدأها بقوله: ومن النصح لهم بيان الحق بتذكير عالمهم وتعليم جاهلهم وجهاد مبطلهم اولا بالحجة والبيان وثانياً بالسيف والسنان حتى يلتزموا دين الله القويم ويسلكوا صراطه المستقيم ويبعدوا عن مشابهة اصحاب الجحيم، مبديا النصح لخصمه وايضاح السبيل أو المنهج المتبع لسنة رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ثم اخذ يفند رسالة الباشا فقرة فقرة والرد عليها مستدلا بما يدعم رأيه من الآيات القرآنية والاحاديث النبوية والحكم والامثال والأبيات الشعرية ثم ختم الرسالة رحمه الله بعد ان اوضح لهم السبيل القويم الذي يجب عليهم سلوكه والمحذورات التي يجب عليهم اجتنابها ختمها بالقول (فإن فعلتم ذلك فأنتم اخواننا لكم ما لنا وعليكم ما علينا يحرم علينا دماؤكم وأموالكم واما ان دمتم على حالكم هذه ولم تتوبوا من الشرك الذي انتم فيه وتلتزموا دين الله الذي بعث الله رسوله به وتتركوا الشرك والبدع والمحدثات لم نزل نقاتلكم حتى تراجعوا دين الله القويم وتسلكوا صراطه المستقيم كما امرنا الله بذلك حيث يقول {وّقّاتٌلٍوهٍمً حّتَّى" لا تّكٍونّ فٌتًنّةِ وّيّكٍونّ الدٌَينٍ كٍلٍَهٍ لٌلَّهٌ}. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |