يمكن إحراز تقدم في مسيرة السلام إذا واكبت الخطوات الفلسطينية التي تستهدف التسوية تحركات إسرائيلية بذات الحجم والفاعلية، غير أن الواقع يشير إلى جمود إسرائيلي حقيقي يعكس نزوعاً قوياً لرفض السلام خاصة إذا كان هذا السلام يقترب من سقف المطالب الفلسطينية العادلة..
وفي الحوار الجاري الآن في القاهرة بين 22 فصيلاً فلسطينياً لا يمكن القفز مباشرة إلى ما يتردد في الساحة العربية عن هدنة من جانب الفلسطينيين دون المرور أولا على ضرورة إعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل وتقريب الرؤى باتجاه المطروح على الساحة الدولية حتى يأتي الموقف الفلسطيني منسجماً مع الواقع الفلسطيني معبّراً عن الآمال الفلسطينية في السلام وإعادة الحقوق.
ويستلزم الحديث عن الهدنة تحركاً من الجانب الإسرائيلي، فلا يمكن طرح وقف اطلاق النار والدبابات الإسرائيلية لا تكف عن التوغل في بلدات الضفة وغزة وتستمر في حصد أرواح الفلسطينيين.
كما لا يمكن بحث ترتيبات الهدنة بينما إسرائيل تبدو وكأنها غير معنية بالسلام وبما يقال عن السلام..
لقد ظهرت في الآونة الأخيرة تصريحات منتقدة لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، لكن هذه الانتقادات لا ترقى إلى مستوى الضغوط التي يمكن أن تحمل إسرائيل على التجاوب مع طروحات السلام والاستجابة لمتطلباته..
وهكذا فإن أي مبادرات فلسطينية باتجاه التسوية ستكون عديمة الجدوى إذا لم يقابلها استعداد إسرائيلي للتعامل مع ما هو مطروح.
ولن يتحقق هذا الاستعداد الإسرائيلي المطلوب إذا لم تحس حكومة شارون بضغوط دولية جادة وإرادة قوية لوقف المراوغات الإسرائيلية التي تتغذى من المواقف الهشة من القوى التي يمكن أن تحدث نقلة كبرى باتجاه التسوية لكنها لا تفعل لتداخل مصالحها مع مصالح إسرائيل.
|