عشنا شهراً كاملاً بروح إيمانية عالية فصمنا نهاره وقمنا ليله، وتلونا القرآن وتصدقنا ووصلنا أرحامنا، كنا نتقلب من خير إلى خير، ونرتقي من درجة إلى أخرى في سلم السعادة، حتى تمنينا أن لا تنقضي تلك الأيام وتلك الليالي ولكن كما قال الشاعر لكل شيء إذا ما تم نقصان فما إن سعدنا ببلوغ أفضل لياليه إلا وإذا به يرحل عنا وبرحيله رحلت عن كثير منا تلك الروح الإيمانية التي تحدثت عنها آنفاً!!!، لست أدري أين تلاوتنا للقرآن لِمَ انقطعت؟!، أين صيامنا لِمَ انقطع؟ ألا يوجد صيام ست من شوال وصيام الأيام البيض؟!! أين قيامنا؟ أليس قيام الليل طوال العام؟!!، كثيرون منا تتغير حالهم برحيل رمضان وقليلون منا حالهم هي هي مستمرة وكأنهم في رمضان، فهم الذين يحافظون على صيام النوافل، وهم الذين يتلون كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار!!!، أولئك القلة منا هم في غالبهم أخفياء لا يكاد يعرفهم أحد بل لا يشار إليهم بالبنان ولا يتشوفون إلى تصدر المجالس أو أن يتشدقوا ويتحدثوا ويتفيهقوا أو يروا أنفسهم على الآخرين ناهيك أن يفعلوه بل تراهم هينين ليِّنين سمحين يأخذون من المجالس أطرافها ومن الموائد أدناها، أولئك الأخفياء أولئك الأتقياء موجودون ولكن يا ترى ما نسبتهم من ذلك الكم الهائل؟!!، لا ريب أنهم قليلون، أولئك لهم سيماهم التي يعرفون بها، أراهم لم يأخذوا مكانتهم ليس لأنهم زهدوا في تلك المكانة؟، بل لأن المعايير التي نقيس بها الآخرين ليست معايير صافية سامية مع شديد الأسف بل فيها دخن كثيرة، جدير أن يلتفت كل واحد منا حوله فحتماً سيرى من أولئك الأتقياء الأخفياء فعليه أن ينزلهم منازلهم ويجعلهم قدوة يقتدى بها.
|