ومن أبرز سمات المفسدين قديماً وحديثاً، مفارقة جماعة المسلمين وإمامهم، يخرجون عن الطاعة، ويفارقون الجماعة، ويقاتلون تحت راية عمية غير واضحة، لا يميزون بين برٍّ وفاجر، ولا يفون لذي عهد عهده، وقد تبرَّأ النبي صلى الله عليه وسلم ممن كانت هذه صفاته ومبادءه، فقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو الى عصبية أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه».
فأدعياء الإصلاح، لا يعترفون لولي الأمر بطاعة، ولا يقرون له بسمع، إنما سمعهم وطاعتهم لمرشديهم وأمرائهم، الذين من أبرز صفاتهم الخروج على ولي الأمر.
وقد أوضح علماء السلف - رحمهم الله - أن منهج أهل السنة والجماعة لزوم الطاعة لمن يتولى أمر المسلمين سواء تولي ذلك باختيار الناس له او أخذها بالقوة، فمن استتب له الأمر لم يصلح لأحد أفراد الأمة المسلمة او جماعتهم الخروج عليه او منازعته فيما تولاه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم «من أحب ان يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت الى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر»، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وان لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا ان تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان. وروى مسلم ايضا عن حذيفة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تسمع وتطيع للأمير وان ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع»، فلزوم جماعة المسلمين أمر واجب، وطاعة ولي الأمر من اوجب الواجبات فمن خالف ذلك فهو من المفسدين وليس من المصلحين.
( * ) حائل، ص.ب 2998 |