* تونس - الجزيرة:
تبدأ اليوم في تونس قمة الحوار المغاربي المتوسطي 5 زائد 5 وذلك بمبادرة من الرئيس زين العابدين بن علي.
وتجمع هذه القمة الاولى منذ انطلاق هذا المسار في روما في التسعينيات كلا من تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا عن الجانب المغاربي وفرنسا وايطاليا واسبانيا والبرتغال ومالطا عن الجانب الاوروبي.
وستنكب هذه القمة على درس محاور اساسية كبرى تتعلق بالامن والاستقرار والتشاور السياسي والتعاون الاقتصادي والاندماج الاقليمي فضلا عن المحور الاجتماعي والمحور الثقافي والانساني.
ويهدف هذا المسار الذي يتميز بطابعه الشمولي الى رعاية حوار فاعل بين الأطراف المعنية في المنطقة المتوسطية بما يدعم التعاون والتضامن في منطقة غرب المتوسط على غرار مسار الاندماج والتعاون في الفضاء الاوروبي خاصة وان اعلان روما التأسيسي لهذا الحوار قد ابرز ثراء تجربة الاندماج الاوروبي خاصة وان اعلان روما التأسيسي لهذا الحوار قد ابرز ثراء تجربة الاندماج المغاربي واسهامهما في تقليص التوترات ودعم حسن الجوار والازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
وقد التقى وزراء خارجية الدول المعنية بهذا الحوار منذ اعلان روما في عدة مناسبات نذكر منها الجزائر في اكتوبر 1991م ولشبونة في جانفي 2001م وطرابلس في ماي 2002 وسانت ماكسيم في فرنسا في افريل 2003م.
وقد تبنت ندوة سانت ماكسيم جملة من التوصيات شددت على اهمية مسار هذا التعاون بوصفه فضاء سياسيا متميزا، كما حيا الوزراء نتائج وتوصيات ندوة تونس الوزارية الجهوية حول الهجرة التي انعقدت في اكتوبر 2002م والتي توجت باعلان تونس حول الحوار في مسائل الهجرة خاصة فيما يتعلق بملف الهجرة غير المنظمة والهجرة والتنمية المشتركة وحقوق والتزامات المهاجرين واندماجهم وتنقل الاشخاص.
كما أتاح اجتماع وزراء خارجية الدول الاعضاء في حوار 5 زائد 5 في باريس في اكتوبر الماضي التحضير لقمة تونس التي تعد موعدا جد هام اذ ستمكن من تطوير اسس هذا الحوار وتحديد توجهات مشتركة حول الرهانات الكبرى لمنطقة غرب المتوسط.
وعلى الصعيد المغاربي عقد وزراء خارجية الدول المغاربية عدة اجتماعات للاعداد لقمة خمسة زائد خمسة وتنسيق المواقف بشأن المسائل المدرجة في جدول اعمالها ولاسيما منها الاجتماع الاخير المنعقد في الجزائر في 22 نوفمبر المنقضي.
وقد اضطلعت تونس بدور ريادي في بناء الحوار الاوروبي المتوسطي حيث ما انفكت تسعى الى التقريب بين شعوب ضفتي المتوسط وارساء اندماج اوروبي متوسطي متماسك ومترابط حيث نادى الرئيس زين العابدين بن علي منذ 1993م من اعلى منبر البرلمان الاوروبي بستراسبورغ بالاسراع في المرور من طور التشاور الى مرحلة تجسيم المطمح المشترك وذلك من خلال ابرام عقد اوروبي متوسطي للتنمية والتضامن.
كما كانت تونس في طليعة دول مسار برشلونة في عام 1995م الذي ينص على اقامة شراكة بين دول اوروبا والبحر المتوسط تمهيدا لاقامة منطقة اورومتوسطية للتبادل التجاري الحر في غضون 2010.
وتجسيما لهذا التوجه بادرت تونس الى ابرام اتفاقية شراكة مع الاتحاد الاوروبي سنة 1995م لتكون بذلك اول بلد في الضفة الجنوبية للمتوسط يمضي على هذه الاتفاقية.
وبقدر ما فتحت هذه الاتفاقية آفاقا عريضة على صعيد الاندماج في الفضاء الاوروبي بقدر ما طرحت العديد من التحديات في مجال تأهيل البنية الاقتصادية والموارد البشرية وذلك وفق تمش يتسم بالتدرج ويرتكز على دعم الحوار الثقافي والحضاري وترسيخ دعائم التنمية المتضامنة.
ولاضفاء المزيد من النجاعة على هذا التمشي دعا الرئيس زين العابدين بن علي في الخطاب الذي توجه به الى المشاركين في الندوة الدولية للتجمع الدستوري الديمقراطي بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لتحول السابع من نوفمبر 1987 الى التأمل في مسار برشلونة من اجل تصويب مقاربته لقضايا المنطقة بما يأخذ في الاعتبار التحولات الحاصلة في العلاقات الدولية والتوازنات العالمية الجديدة الى جانب تغير خارطة الفضاء الاورومتوسطي من خلال توسع الاتحاد الاوروبي.
واكد الرئيس بن علي في هذا الصدد على شمولية هذه المقاربة وعدم اقتصارها على البعدين الاقتصادي والامني بما يسمح بمزيد من العناية بالابعاد الاجتماعية والثقافية والعلمية والتكنولوجية ويضمن بالتالي تكافؤ الفرص امام شعوب المتوسط وجنوبه ويعطي بعدا انسانيا لهذا المشروع المصيري المشترك. وستكون قمة تونس فرصة قيمة لتعميق التفكير حول جملة هذه المقترحات وغيرها من المسائل المطروحة الى جانب النظر في فكرة «سياسة الجوار» التي عرضها السيد رومانو برودي رئيس المفوضية الاوروبية ابان زيارته الى تونس خلال شهر مايو الماضي. وسوف تمكن سياسة الجوار المقترحة من الارتقاء بمكانة الدولة المنخرطة فيها الى مرتبة تقع بين مرحلة مجرد الشريك ومرحلة البلد العضو.
وتحضيرا لهذه القمة انعقدت عدة مجالس وزارية تحت اشراف الرئيس زين العابدين بن علي للنظر في تعاون تونس الاقتصادي على المستوى الاقليمي وخاصة في اطار الشراكة مع الاتحاد الاوروبي وآفاق الحوار والتعاون على المستوى الاورومتوسطي وهو ما يكرس الاهمية الفائقة التي يوليها الرئيس بن علي لاحكام الاستعداد لهذه القمة بما يضمن نجاحها ويجعل منها منطلقا جديدا لقيام شراكة مغاربية اوروبية ولاسيما على صعيد المنطقة المتوسطية.
|