متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبدالله هزاع العتيبي
ستتطور مدينة الرياض في المستقبل من خلال عملية إعادة الهيكل العمراني للمدينة بشكل تدريجي من الشكل الأحادي المركز إلى مدينة ذات مراكز متعددة، مما سيتيح النمو المتوازن داخل المنطقة الحضرية، وذلك كما هو مقترح في بديل المدينة المدمجة وبديل مراكز النمو.
تطوير وتجديد
ستكون المنطقة الحضرية الحالية مركزة النمو بكثافات متوسطة إلى مرتفعة بوجه عام وذلك عن طريق التطوير الكامل للأراضي البيضاء الحالية القابلة للتطوير مع إعادة التجديد العمراني لبعض المناطق في المدينة على أن يراعى في ذلك المحافظة على القيم التاريخية والثقافية للأجزاء القديمة في المدينة، وقد كان هذا أحد السمات الرئيسة لبديل المدينة المدمجة ومركزة النمو.
سوف تترابط مناطق العمل مع التوزيع السكاني من أجل زيادة امكانية الوصول وتخفيص مدة ومسافة الانتقال، وستتركز مراكز العمل الرئيسة في منطقة وسط المدينة التجاري، ومطار الملك خالد الدولي، والمناطق الصناعية في الجنوب الشرقي والشمال الغربي، ومحاور الأنشطة الرئيسة، والمراكز التجارية الرئيسة والخدمات العامة الواقعة في المراكز الحضرية الفرعية.
تعزيز الصورة
سيتم تعزيز صورة المدينة العاصمة التي ألقي عليها الضوء في البدائل المختلفة وعلى وجه التحديد في بديل المدينة المركزية، وذلك من خلال التركيز على تجديد منطقة وسط المدينة والمناطق المجاورة لها وفقاً لأعلى المستويات لتؤدي الوظائف الحكومية والمؤسسية التي تعكس ثقافة وتقاليد المملكة. وستكون العناصر الرئيسة لمنطقة وسط المدينة مركز المدينة السياسي والإداري «منطقة قصر الحكم، مركز الملك عبدالعزيز التاريخي». منطقة الديوان الملكي ومجلس الوزراء ومجلس الشورى وحي السفارات. ومنتزه الرياض العام الذي سيتم إنشاؤه من الجزء الغربي من المطار القديم والذي يمثل نقطة جذب لمشروعات التطوير الكبرى الجديدة حول المنتزه المباني العامة الرئيسة التي تنتشر على جوانب الشوارع التي تربط العناصر الثلاثة السالفة الذكر.
منطقة الأنشطة الرئيسة التي تشكل القلب التجاري والخدمي للمدينة «منطقة العصب المركزي» وتشمل شارع العليا والأسواق والمناطق التجارية بوسط المدينة، بالإضافة إلى الوظائف المدنية والاجتماعية الرئيسة التي تؤديها المساجد والمستشفيات والمنتزهات والأماكن الترفيهية.
تسلسل هرمي
ودعماً لمركز المدينة التجاري الرئيسي في قلب المدينة فإن المخطط الهيكلي للمدينة يقترح عدداً من المراكز الحضرية الفرعية التي ستوفر مواقع للأنشطة التجارية والمختلطة بالقرب من سكان المناطق الحضرية الفرعية، وستتم تكملة هذه المراكز بمجموعة من أعصاب الأنشطة التي ترتبط بمنطقة وسط المدينة وتوفر مراكز طولية للأنشطة والأعمال تشكل جزءاً من تسلسل هرمي حضري للخدمات العامة.
إن فكرة المراكز الواردة في المخطط الهيكلي هي عبارة عن دمج للأفكار الواردة في البدائل الحضرية الأربعة، فمحاور التنمية المرتفعة الكثافة التي تدعمها مراكز حضرية فرعية وتنتهي في الشمال والشرق عند ضاحيتين جديدتين سيتم التخطيط لتطويرهما كل على حدة حسب ما يتم تقريره عن طريق عمليات الإدارة الحضرية المرتبطة بالتطوير المرحلي للأراضي.
مستويات مرتفعة
تمثل شبكة الطرق أهم عنصر من عناصر المخطط الهيكلي للمدينة وهذا العنصر يجب أن يخدم احتياجات المدينة، وستكون شبكة الطرق المستقبلية عبارة عن نظام يستند إلى طرق حضرية خارجية «دائرية» مصممة لحركة مرور عالية السرعة لمسافات طويلة مع أقل قدر من التأثيرات على المدينة والبيئة. وتعمل هذه الطرق بمستويات مرتفعة من السلامة والكفاءة، كما أنها تنقل حركة المرور بعيداً عن شبكات الطرق الحالية بالمدينة التي يمكن أن تحقق الازدحام في وسط المدينة وتلبي احتياجات كافة مستخدمي الطرق.
سيتم تطبيق تقنيات إدارة الطلب على التنقل داخل المنطقة الحضرية وسيصبح النقل العام وسيلة نقل بديلة مع تعزيز قابليته للاستمرار بملاءمته مع أعصاب الأنشطة.
وبالإضافة لشبكة الطرق ذات الطاقة الاستيعابية العالية يحتفظ المخطط الهيكلي بخيارات النقل العام في المستقبل عن طريق حجز حرم طريق لخدمات سكة الحديد على امتداد أعصاب الأنشطة ومحاور التنمية الحضرية. وأي قرار بتبني النقل العام في المستقبل سيخضع إلى دراسة جدوى تفصيلية لمسارات النقل العام.
لقد تم تحديد مجموعة من الطرق الشعاعية الرئيسة التي تنطلق إلى الاتجاهات المختلفة من المدينة وترتبط بمواقع استراتيجية على شبكة الطرق الدائرية الرئيسية حيث ستسير عليها حافلات النقل السريع.
الانتقال بعيداً
إن نظام النقل من حيث المبدأ استمرار لفكرة المحاور التي ترفع من استخدام النقل العام، مع كون الطرق المؤدية إلى المراكز الحضرية الفرعية تقدم الفرصة لعدم مركزية مراكز العمل وبالتالي الانتقال بعيداً عن مناطق وسط المدينة المزدحمة وذلك وفقاً لما يقترحه بديل مراكز النمو.
اقترحت جميع البديل الحضرية إقامة نظام مناطق حضرية مفتوحة متكاملة وتركز على وادي حنيفة إلى الغرب ونظام التصريف الرئيسي والمرتفعات الصخرية داخل المدينة ووادي السلبي في الشرق وسيتم ربط ذلك النظام بالمواقع التاريخية والثقافية والترفيهية ذات الأهمية الحضرية بواسطة شبكة طولية من المناطق المفتوحة.
طريقة جديدة
ستكون أحد أهم مقومات المخطط الهيكلي الطريقة الجديدة لإدارة موارد المياه في تحديد شبكة خطوط الصرف الصحي لجميع مناطق التطوير ومعالجة المياه المنقولة بهذه الشبكة وإعادة تدوير المياه في جميع أنحاء المدينة لأغراض الري والاستعمالات الأخرى التي لا تتصل بالشرب. وسيمكن هذا التوجيه من زراعة وتشجير المدينة وجعلها واحة خضراء وسط الصحراء.
مشاريع كبيرة
تشمل المنطقة القديمة الواقعة في وسط المدينة ومناطق التطوير والضواحي التي تطورت بسرعة على مدى العقدين الماضيين.
أما في منطقة وسط المدينة فهناك اتجاهات لإعادة التطوير في صورة مشاريع كبيرة سواء من قبل القطاع العام أو الخاص، كما أن هناك إعادة تطوير تدريجي بالمناطق السكنية التقليدية عن طريق إعادة الاستثمار فيها من قبل الأفراد.
وعلى الرغم أن هذه المنطقة يشار إليها بكلمة «مبنية» إلا أنه يظل هناك مجال واسع لبناء المساكن على قطع الأراضي البيضاء الواقعة ضمن تلك المنطقة، وقد حددت التقديرات التي تم إعدادها أثناء وضع الخطة المرحلية لتوفير المرافق العامة وجود امكانية لزيادة عدد سكان هذه المنطقة من 9 ،2 إلى 9 ،4 ملايين نسمة، وتشمل المنطقة المبنية الحالية حدوداً إدارية تمثل حدود المرحلة الأولى من النطاق العمراني والتي أقرها مجلس الوزراء في قراره رقم 175 ليتم تزويدها بخدمات المرافق العامة بدون تكلفة على صاحب الأرض، أما تخبط وتطوير الأراضي خارج هذه المنطقة والواقعة ضمن حدود المرحلة الثانية من النطاق العمراني فهو غير مسموح إلا إذا تم توفير مرافق معينة وذلك على نفقة صاحب الأرض.
احتواء الانتشار
وقد أثبتت سياسة النطاق العمراني نجاحها في احتواء الانتشار والتشتت العمراني غير المنظم، إلا أنه سبق وأن تم تخطيط مساحات كبيرة من الأراضي في المدينة قبل إقرار هذه السياسة، ولعل تصميم الطرق وتأثير حركة المرور عالية السرعة المقرونة بعدم توفير إجراءات سلامة أساسية كافية للمشاة يشكل أحد أسباب المشاكل الرئيسة بالمناطق الحالية، فبيئة الشارع لا توفر السلامة لكل من المشاة وحركة المرور على حد سواء.
أما خارج منطقة وسط المدينة فتحتل القضايا الرئيسة في سوء الأنماط التخطيطية للأحياء السكنية، وارتفاع عدد القطع التجارية على امتداد الشوارع التي يزيد عرضها عن 30 متراً، وعدم كفاية المرافق والخدمات العامة المتاحة، وستضع هذه القضايا في كثير من النواحي الأساس لسياسات التطوير للمناطق الحضرية الجديدة لضمان عدم تكرار نفس الأخطاء.
هوية بارزة
يعتبر التركيز على إيجاد منطقة وسط ذات هوية بارزة ونموذجية للمدينة تجسد دورها باعتبارها المدينة العاصمة للمملكة أحد المقومات الرئيسية للمخطط الهيكلي.
وسيتم تحقيق ذلك عن طريق الروابط العمرانية وغيرها بين مناطق الوسط التجاري والمنطقة القديمة بما تشتمل عليه من موارد ثقافية وتاريخية، ومنطقة الديوان الملكي وحي السفارات، وذلك بما يعكس الوظائف العالمية للمدينة.
ظلت منطقة وسط المدينة تخضع لتقويم استراتيجي يتفحص دورها المستقبلي كوسط للمدينة العاصمة. إن مساحة واسعة من الجزء الأوسط من هذه المنطقة ليس له هوية واضحة فهو عبارة عن مجموعة من المباني السكنية والتجارية والمباني والأنشطة المؤسسية التي نشأت على مدى العقود الأخيرة لتلائم احتياجات وأوضاعاً معينة. كما ساهم التطور السريع للمدينة والطرق الرئيسة خلال العقد الماضي في إزالة الكثير من الأنماط الأثرية والتاريخية لقد تم إجراء تقويم تلك المنطقة وذلك لتوفير إطار للتطوير المستدام الطويل الأمد وتعزيز صورة مناطق وسط المدينة، حيث تم تحديد المناطق الأربع الرئيسة التي يعتبر التطوير المستقبلي فيها مهماً، «مركز المدينة - منطقة قصر الحكم مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، أسواق البطحاء - ومنطقة الديوان الملكي وحي السفارات، ومنتزه الرياض العام، والعصب المركزي.
إحساس قوي بالهوية
إن إعادة تطوير الطرق وتقوية المداخل المؤدية إلى الديوان الملكي وإلى حي السفارات سيعطي منطقة الوسط إحساساً قوياً بالهوية، وأكثر وضوحاً بأنها مركز لأنشطة المملكة الوطنية والعالمية ومقر حكومتها.
تركز المقترحات الخاصة بمنطقة المدينة الداخلية على التكامل الجيد بين قطاعها الشرقي التجاري ومناطقها الغربية التاريخية والسكنية عن طريق تحقيق الاعتماد على طريق البطحاء كطريق مرور داخل المدينة «أي إعادة تحدد مسار حركة المرور حول وسط المدينة عبر شبكة طرق دائرية داخلية».
كما يقترح اتباع طريقة مماثلة بالنسبة لمنطقة العصب المركزي التجاري «أي حصر حركة المرور وسط المدينة على امتداد شارع العليا». حيث تعيق زيادة حركة المرور ومواقف السيارات المحدودة من استمرار نحوها، علماً بأن منطقة العصب المركزي الجنوبي تمثل وصلة مهمة بين المدينة الداخلية التاريخية والمناطق التجارية الحديثة. توضح الاتجاهات التطويرية التي حصلت في الآونة الأخيرة زيادة المشروعات الاستثمارية في المناطق الشمالية بالقرب من طريق مكة، وقد تم وضع مقترحات لدعم تلك الاتجاهات وتشجيع انتقال المباني السكنية الأكثر كثافة «أي المباني المكونة من أربعة إلى خمسة أدوار مع ما يرافقها من مناطق مفتوحة» جنوباً إلى منطقة وسط المدينة.
بيئة إنسانية
إن منطقة المنتزه العام تمثل عنصراً أساسياً في توفير بيئة إنسانية كما أنها توفر مرفقاً ترفيهياً عالي الجودة للمدينة وسيعالج هذا المرفق بشكل جزئي بعد تطويره النقص الحاصل في المناطق المفتوحة الحضرية العالية المستوى في المدينة.
أما الأراضي الواقعة حول المنتزه فهي أراض مهمة وسيؤثر تطويرها «أي إقامة مبان حكومية ومكتبية وسكنية جيدة النوعية» على صورتها المستقبلية وعلى نجاح المنتزه والمناطق المحيطة به حددت الاقتراحات الخاصة بالمنطقة وسط المدينة أيضاً الطرق التي تربط المناطق.. بالمواقع المهمة، حيث تكون تلك الطرق مشجرة بشكل مكثف على الجانبين بحيث تربط منطقة وسط المدينة التاريخي بالمنتزه العام بواسطة طريق الملك عبدالعزيز، والعصب المركزي بواسطة شارع العليا وشارع الملك فيصل وامتداد طريق الملك سعود، ويعتبر شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز «شارع التحلية» من أهم الروابط التي تربط العصب المركزي غرباً بالمنتزه العام شرقاً، ويوفر هذا الرابط حافزاً مهماً لتطوير منطقة الوسط التجاري لاتجاه شرق - غرب بالإضافة إلى تأثيره المتوقع على صورة المدينة وخصائصها في المستقبل.
|