نقف أحياناً عند منعطف من حياتنا هي أقرب لمفترق طرق؛ لا نعلم أيهما الطريق الصواب وأيهما الخطأ.. لا نعلم أيهما الذي يجب أن نسلك، وأيهما الذي علينا اجتنابه والابتعاد عنه.
كأنها غشاوة نسجت خيوطها الضبابية أمام بصائرنا وبصيرتنا، فسببت لنا مشكلة اعاقت تقدمنا وأسهمت في تشكيل نقاط سلبية في مسار حياتنا.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا؟! هل لهذه السلبية آثار تنعكس على سلوكنا وصفات شخصياتنا؟
قد لا أجيب إجابة دقيقة على هذا التساؤل، لكن مما لا شك فيه أن هذه السلبية ستترك آثارا أياً كان مستوى وعمق واتساع هذه الآثار. لكن المهم في هذا الجانب هو أن نحاول الحد من هذه السلبية، ونحول دون اتساعها وتقدمها. وفي المقابل نعزز فينا الإيجابية مهما كانت محدودة الاتساع، قليلة العمق؛ لأن آثار الايجابية هي الأبقى والأصلح.
إن تعزيز النواحي الإيجابية والمضيئة في حياة وشخصية الإنسان هي من دور الإنسان ذاته..؛ لأنه هو الأعلم والأعرف بما يملك من مقومات سلوكية وتصرفات أخلاقية يرى من خلال منظور مفهوم (المثالية) وقبل ذلك من منظور تعاليم الشريعة الإسلامية أنها نواحي إيجابية وخيّرة في شخصيته.
ونحن لا نريد تعميق مفهوم المثالية، والغور في معنى هذا المفهوم، إلا اننا لا نحمل الإنسان أكبر من طاقته ونلزمه بالاتصاف بما لا يملك.. إنما هي فطرة وغريزة في شخصيته يبرزها ويعزّزها ويحافظ عليها، بل ويتمسك بها.. في الوقت نفسه يحاول اكتساب ما يمكن اكتسابه من مقومات إيجابية كانت بعيدة عنه؛ ليعزز بذلك ويرفع رصيد الإيجابية الذي يمتلكه في حياته عامة. وكلما عزّز الانسان النواحي الإيجابية في حياته من خلال سلوكه وتصرفاته، وحتى تفكيره اقترب من المثالية وإن صعب عليه الوصول إليها. وفي مقابل ذلك يحارب الإنسان ويمنع كل سلبية، وتصرف سيئ يدخل مضمار حياته؛ لأن الاستسلام والخصوع أمام الخطأ هو مسار بطيء نحو تراكم سلبي عميق يكتسبه من أوجه مختلفة من الحياة، قد يصعب التغلب عليه ولو بعد حين. والإنسان من خلال عمليتي التعزيز الإيجابي، والتضييق السلبي، يقف في ساحة حرب وصراع ضاريين لكن لا بد للخير من الانتصار. يخلق الإنسان من نفسه كياناً متزناً أقرب للسلوك السوي، والمثالية الأخلاقية التي ينبغي ان تنمو وتترعرع في مجتمعنا البشري؛ ليكون هذا المجتمع بخير وسلامة، ونقلل بذلك الكثير من المشكلات والمعضلات التي باتت في حرب لا هوادة مع المجتمع بجميع افراده ومؤسساته. كما أن الإنسان يسعى في هذه الحياة أن يترك سمعة حسنة وذكرى طيبة في قلوب ونفوس من يحيط من قرابة أو صداقة.. هذا العمل يسهم على مستوى النطاق الفردي أن يحقق هذه الأمنية.. والتي باتت بعيدة بعض الشيء عن أذهان وقلوب.. بل أمنيات الكثير من البشر.
|