يحاول شارون من خلال بناء الجدار العازل التهام المزيد من الأراضي الفلسطينية وعزل ما يتبقى منها، لكن وقائع الأحوال تثبت أنه يُحكم طوق العزلة حول نفسه، فبسبب هذا الجدار بات هناك من يتساءل حتى في أوروبا عن حق إسرائيل في الوجود وما إذا كان يتعين القبول بها وسط المجتمع الدولي بينما ترتكب هذه الفظائع من إقامة المزيد من المستوطنات وبناء الجدار والقتل اليومي للفلسطينيين.
وقد بدأ شارون يدرك فداحة ما يرتكبه من حماقات دفعت حتى العسكريين القريبين منه إلى نصحه بضرورة الكف عن الزج بالقوات بين كل حين وآخر في الضفة الغربية وغزة.. كما يدرك شارون ما بات يتردى فيه من عزلة دولية وخصوصاً بسبب هذا الجدار الذي جلب عليه الانتقادات حتى من أقرب الحلفاء: الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن واشنطن لم تشأ أن تذهب إلى آخر الشوط في انتقاداتها وفضلت أن تقف إلى جانب إسرائيل عندما طلبت 144 دولة في الأمم المتحدة من إسرائيل أن توقف بناء هذا الجدار..
هذه الحظوة التي تجدها إسرائيل من قِبل القوة العظمى لا يبدو أنها تستطيع تخفيف العزلة التي بدأ شارون يشعر بها، فقد بات يبرر مؤخراً أنه سيفكك بعض المستوطنات وأنه يسعى لتسهيل الحياة أمام الفلسطينيين، لكن على أرض الواقع لا يحدث شيء وإنما هي محاولة منه للتخفيف من الضغوط الدولية عليه.
لقد باتت إسرائيل هدفاً لانتقادات متصلة وبالإضافة إلى التشكيك حول جدوى وجودها وسط المجتمع الدولي بكل موبقاتها وشرورها، فقد سبق أن قال الأوروبيون كلمتهم فيها في استطلاع للرأي ووصفوها بأنها أكبر خطر على السلام في العالم.
ورغم أنه لا يتحقق الكثير من هذه الانتقادات، فإنها تكشف عن توجه بدأ يترسخ ويرفض الفرض القسري في الضمير الأوروبي لإسرائيل باعتبارها ضحية، فلم تعد كل الدعاوى عن معاملة اليهود تلقى آذاناً صاغية فيما تزايدت الشكوك حول مدى صحة ما تعرضوا له من مذابح وحرق في الماضي، وحتى لو حدث ذلك فإنه لا يبرر تحويل أرض فلسطين إلى محرقة أخرى لتعذيب الفلسطينيين أصحاب الأرض.
|