Thursday 4th december,2003 11389العدد الخميس 10 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
الحوار!!
خيرية إبراهيم السَّقاف

الحوارُ...
دعامةٌ من أهم دعامات أركان المنهج السِّياسي في الإسلام...، بل في الأديان جميعها، ويتمثَّل في نهج الأنبياء... والرُّسل، والخلفاء، والعلماء...
وذلك الخليل إبراهيم عليه السَّلام، يعيد مشركي مكة إلى حوار القول مع أصنامهم التي يصنعونها بأيديهم فيعبدونها إن كانت تملك لهم إجابة فلتنطق!!
وذلك سليمان عليه السَّلام يرسل من يحاور ملكة سبأ حتى فاءت إلى الصَّرح وحسبته لجةً...
وهذا محمَّد بن عبداللَّه عليه وعلى آل بيته الطَّاهرين وخلفائه الرَّاشدين وصحابته أفضل الصَّلوات وأكمل التَّسليم يبدأ دعوته بحوار القول، وحجة المنطق،
«واللَّه، لو وضعوا الشَّمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما فعلت..»، ويواصل برسله، وممثِّليه إلى مشارق الأرض ومغاربها، وجنوبها وشمالها، ويختار منهم من له بلاغة القول، وحجة اللِّسان...، بقوَّة المنطق... ومن ينقاد له بذلك جدلُ الحوار بياناً نافذاً للوصول إلى/ ولإيصال ما../ حتى استوت الدعوة في الصُّدور والعقول...، أما حوار الزِّنود وما تحمل، فلقد كان لمواقف الحاجة من أجل توطيد دين اللَّه في أرضه...
ولكلا الحوارين حدود وقيود، عند الوصول إليها يكون {لّكٍمً دٌينٍكٍمً وّلٌيّ دٌينٌ}، إذْ لم تكن الهداية بيد بشر، ولا تُناط إلاَّ بمن يشرح اللَّه تعالى صدره للإسلام. ثمَّ ينتهي الأمر إلى أسلوب جديد في العلائق بين من بلغه من الحوار غايته فتحقَّقت، أو من بلغته ولم تتحقَّق.
إذ يتعايشان في ضوء نهج يجعل لكلا الطَّرفين حقَّ العيش في الجوار دون تخط، ودون تجاوز لشروط البقاء.
والحوار في شتَّى أشكاله وأساليبه، وفي جانبي القول منه والعمل بمقتضاه لا يخضع لهوى، ولا يقبل مصلحة ترقى على مصلحة إلاَّ ما كان منها في جانب الإنسان في ضوء الغاية التي خُلق لها ومن أجلها، إذْ لم يُخلق الإنسان عبثاً، وقد خُتمت هذه الغاية الإلهية في أرقى تشكيل وتكوين منهجي لها على الأرض/ الإسلام/ وهو آخر الرِّسالات على يد آخر المتحاورين الفاعلين بحوارهم قولاً منطوقاً، وأداءً منفذاً معمولاً به محمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الذي لا ينطق عن الهوى حتى استتبَّ للبشرية أمنها وأمانها، وعملها ورخاؤها، ومعاشها من أجل مَعَادها فيما يرضي الرَّب ويحقِّق الهدف من غاية وجود هذا الإنسان على الأرض. كي يتعامل ليس فقط مع البشر، بل مع جميع مقدِّرات الأرض بما يرضيه تعالى.
والحوار ضمن هذا هو حوار عقل، موجَّه بوعي إدراك مكنون المنهج الذي بلغه الرَّسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بمنطوق آياتٍ هي حجَّةٌ أولى في جدل العقل بفصاحة البيان الذي لا يقبل الجهل ولا يخضع للأغراض ولا يقوم بلا حجَّة ولا يتعثَّر بفراغ.
حجَّةُ الحوار العلمُ بما يريد المتحاور، ومصدره العقل المدرك لغايته، وتكوينه نابعٌ عن ذلك حتى إذا بلغ مبتغاه بحجَّة المنطق، وبسلوك الواعي المدرك، الفطن الملمِّ بأمره، عفا جانبه الآخر عن منازلة الفعل في قسوة الأداة التي تحركها الزِّنود. والتي أخذت في تطوَّرها من حد السَّيف القاطع إلى ذرة القنبلة الفاتكة، ومن أعنَّة الجياد إلى خطفة الصَّاروخ...
فأيُّ دوافع لحوار الآلة الآن؟!
وأين حوار المنطق والبيان؟!
وما هي عليه مستويات الهوى في كلا الحوارين النَّاهضين بين البشر؟!والبشرية جميعها تقف مذهولة أمام سطوة الهوى... وعدم نزاهة الحوار.!!

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved