* موسكو د ب ا:
ينتخب الروس برلماناً جديداً الأحد المقبل لكن حماس الناخبين المتعبين سجل انخفاضاً قياسياً فيما يستعد حزب الكرملين للفوز بالأصوات.
فقد تلاشت الأوهام بعد 12 عاماً من الديمقراطية غير المرضية ومازال يجرى بإطراد «إضفاء الطابع البوتيني»(نموذج الرئيس بوتين) على الحياة وهو ما ترك أثره على الناخبين الذين يتوقعون فوزاً مقنعاً في 7 كانون الأول ديسمبر الجاري بل وربما أغلبية قوية لحزب روسيا المتحدة الذي يدعم الرئيس فلاديمير بوتين ويضم كثيراً من الجماعات المؤيدة له.
لقد تبنى بوتين الذي تقدر شعبيته الآن بأكثر من 70 في المائة شخصياً حزب روسيا المتحدة وهذا يكفي لكسب عدد حاسم من أصوات الناخبين الذين ما زالوا يبدون قدرا من المبالاة.
وكانت دراسة مسحية أجرتها مجموعة لاستطلاعات الرأي على 1600 شخص في منتصف تشرين الثاني نوفمبر الماضي قد أظهرت أن 70 في المائة من الروس لا يبدون إلا القليل من الاهتمام بالحملة الانتخابية فيما يتابعها 29 في المائة.
وفي الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية قدرت الدراسات المسحية شعبية حزب روسيا المتحدة بنسبة 29 في المائة وتزيد بسرعة في حين سجلت شعبية أقرب منافسيه الحزب الشيوعي وأتباعه الذين يضمون أساسا كبار السن تراجعاً بعد بلوغها نسبة الـ25 في المائة التي كانت تدعو للتفاؤل.
أما أغلبية الأحزاب والتكتلات الـ23 الأخرى من الليبراليين والمحافظين والقوميين والخضر وغيرهم فلن يتجاوز تأثيرها مراكز الاقتراع التي ستكون المنافسة فيها منحصرة بين الحزبين الكبيرين.
ومن المتوقع أن يجتاز نحو خمسة فقط من هذه الأحزاب والتكتلات نسبة الخمسة في المائة المطلوبة لدخول دوما الدولة المكون من 450 مقعداً وفقاً لنظام التمثيل النسبي.
ويأتي بعد المتنافسين الرئيسيين الحزب القومي المتطرف بزعامة فلاديمير جيرينوفسكي واتحاد القوى اليمينية المؤلف من «إصلاحيي» الحكم القديم وحزب يابلوكو الليبرالي.
لكن ما زال من اللازم أن تتجاوز نسبة الاقبال على الانتخابات 50 في المائة في الجولة الأولى لكي تكون الانتخابات صحيحة وحيث إنها ستجرى تحت إشراف نحو ألف مراقب أجنبي فإنها قد تكون مصدر قلق لرئيس اللجنة الانتخابية ألكسندر فيشنياكوف.
وكانت اللجنة قد اتهمت من قبل بالتلاعب في نتائج الانتخابات ويتعين ألا يدهش أحد لوجود معدات الفرز الآلي على النمط الغربي والتي ستظهر خلال المتابعة التلفزيونية يوم الانتخابات.
لكن عمليات التصويت لها وزن أقل بكثير مما ينبغي لها فقد فقدت السلطة التشريعية قوتها منذ أرسل بوريس يلتسين في تشرين الأول أكتوبر الجيش إلى المجلس الأعلى الهيئة التشريعية التي سبقت الدوما.
وبموجب دستور جديد أقر في وقت لاحق من ذلك العام نقل يلتسين السلطة الحقيقية إلى يديه وهي كذلك في يد بوتين اليوم.
والدوما لا يخرج اليوم عن كونه أداة لإقرار ما هو مطروح ويمكنه على أحسن الأحوال أن يعترض على إرادة الرئيس مؤقتاً.
وأثيرت أيضا اتهامات على نطاق واسع في بعض المناطق بشأن الحملة الانتخابية بأنها غير ديمقراطية حيث تردد أن بعض المديرين الاقليميين ينبهون العمال إلى طريقة التصويت التي يمكنهم بها الاحتفاظ بوظائفهم إن أرادوا.
ومن الأمثلة الصارخة على التلاعب في موسكو عقد أبرم بين الحزب الموالي للكرملين وسلسلة متاجر سوبر ماركت في موسكو يتعين بموجبه على موظفي الخزانة أن يتحلوا بشارات مكتوب عليها «أنا أؤيد حزب روسيا المتحدة» بغض النظر عن آرائهم السياسية وهو أمر يمثل انتهاكاً خطيراً لقوانين الانتخابات والعمل في البلدان الغربية.
ومن الملاحظات الساخرة التي تثير الدهشة من الحملة الانتخابية لحزب الكرملين أن الملصقات التي عليها شعار «روسيا متحدة روسيا قوية» وهو يضم خريطة للبلاد مليئة بصور صغيرة لمن قاموا بصياغة شكلها من الشاعر العظيم ألكسندر بوشكين ومؤسس الشرطة السرية الرهيب فليكس دزيرجينسكي وحتي الديكتاتور السوفيتي ستالين، في الوقت نفسه يبدو إغراء ما يسمى «حزب السلطة» قوياً في أوساط رجال الأعمال.
وذكرت صحيفة موسكو تايمز أن «14 شخصاً على الأقل على قائمة الحزب الموالي للكرملين يمثلون قطاع النفط والمعادن». لقد تعلموا الدرس من حملة من الواضح أن الكرملين أقرها ضد قطب البترول المسجون حاليا ميخائيل خودوركوفسكي بعد تحالفه مع أحزاب المعارضة وباتوا يسعدهم أن يقفزوا في عربة روسيا الاتحادية، والانتخابات بنظام القائمة تعني فرصة للتأثير في التشريع مستقبلا كما أنها تمثل مؤشراً على الولاء لبوتين.
ورغم ذلك فإنه بالنسبة لعموم الناس في هذه البلاد الشاسعة تعد الشئون البرلمانية في العاصمة أشد ما تكون بعداً عن حياتهم اليومية بقدر ما هو بعد مناطقهم النائية عن موسكو.
إن ما يعنيهم بدرجة أكبر هو انتخابات حكام الأقاليم ورؤساء الجمهوريات حيث إنهم هم أصحاب السلطة المباشرة ومن ينظر إليهم على أنهم قياصرة محليون.
لكن إذا تجاوزنا الاداء القوي لحزب روسيا المتحدة الشهر المقبل وإعادة الانتخاب المؤكدة لبوتين في آذار مارس المقبل فإن السؤال الكبير في هذه البلاد البالغ تعداد سكانها 145 مليون نسمة يظل متعلقا بمن يخلفه حينما تنتهي رئاسته عام 2008.
|