دون أسباب ظاهرة محددة قد تجد أنك تميل لمجالسة ومحادثة شخص ما، وترتاح للقائه، بل إنك تزداد حيناً بعد حين في التواصل معه، ويدفعك لذلك لطفه معك ومجاملته لك وعدم تذمره من تكرار الاتصال أو الزيارة، وربما أنه بالعكس من ذلك فتجده في كل لقاء يزيد عذوبة في الحديث معك ويتجاذب معك أطراف الحديث والحوار حول مسائل ربما لم يكن يرغب الخوض فيها حين زيارتك أو اتصالك لسبب يخصه أو فرضته ظروف الحال أو الزمان أو المكان، لكنه لا يبخل عليك بالكلمة الحلوة والنفس الطيب والتقبل الحسن لكل ما تبدئ أو تعيد، لكنك مع كل ذلك قد نسيت أن هذا هو الطبع المتأصل بهذا الإنسان الطيب النبيل وأنه لا يغدق عليك هذه المجاملة أنت وحدك، فهو كريم الخصال لين الجانب، لا يصد ولا يرد طارقاً أو مهاتفاً، ولا يتململ من حديث ولو تكرر، يؤثر على نفسه ولا يمن بالابتسامة، ويعفو الزلة ويتصيد لك العذر إن زللت في حديث أو تصرف قد لا يليق أو لا يناسب الحال أو المقام، هؤلاء هم الكرام، غير أننا ننخدع أحياناً فنثقل عليهم عبر هواتفهم أو في مجالسهم أو حتى في مواقع أعمالهم بحسن نية لأننا أحببناهم أو هم فرضوا حبنا لهم بطيب معشرهم، لكنهم وهم الكرام ذوو الفضل لا يمكن أن يبدوا لنا ما يشعرنا بمللهم أو ضيقهم منا، والذي يبدو لي هو أن حبنا للآخرين لا يجب أن يكون على حسابهم.
|