أعرف أن هناك بعض الإخوة يحتج على رأيي في كاظم الساهر على أساس أن كاظم الساهر فنان كبير وقف على قدميه دون عكازات مصرية أو شامية. كلام كهذا لا يمكن نفيه أو إثباته فقد حصل الذي حصل ولا يمكن إعادة الزمان لنعرف من منا على حق. لكن الإنسان يجادل في إطار من المعارف المختلفة يجمعها على بعض ويصبها ويميل إلى نتيجة من النتائج. الشيء الذي أنظر إليه في مسألة كاظم الساهر هو الكيد للخليجيين. وهذا الأمر في ظني ليس غريباً وربما يحسه كثيرون.
وأنا أقول دائماً الخليجيين لأتستر تحت هذه الكلمة وغالباً ما أعني السعودية. لأنك أحياناً تريد أن تقول كلاماً يصعب تمريره لذا توسع دائرة المعنيين كقولنا الأمة العربية أو الأمة الإسلامية ليمر رأيك. على أي حال سأعطيكم مثالاً عن هذا النوع من الكيد للخليجيين. في رمضان عرض عدد من المسلسلات الدرامية. نستطيع أن نقرر بالأرقام أن مصر هي الأولى يليها الخليج بصفة عامة ثم سوريا أما بقية العرب فصفر في هذا النوع من الإنتاج. ولكن مع الأسف هذه الحقيقة لم تعتمد في الصحف العربية غير الخليجية. لو تتبعت الصحف العربية اللبنانية مثلاً أو المصرية فستجد أنه لم يوجد مسلسلات خليجية (خالص). فالمصريون لا يتكلمون إلا عن المسلسلات المصرية فقط. والأشوام لا يتكلمون إلا عن المصرية والسورية واللبنانيون يحشرون اسم لبنان ثم يتكلمون عن المصرية والسورية. في هذه السلسلة لا تجد أي ذكر للخليجيين. رغم أنك لو درست المسلسلات العربية فلن تجد مسلسلاً لبنانياً واحداً لكن هذه هي القاعدة المقررة والمنتهى منها والمشكلة ليست في إيمان موجهي الرأي اللبنانيين وحدهم ولكنها قواعد مقررة حتى عند الخليجيين.
أتذكر مرة أن جورج قرداحي من باب مديح عبدالله السدحان وناصر القصبي أثناء استضافته لهما في برنامجه من سيربح المليون قال: إن الفن الدرامي السعودي كان ضائعاً بين القاهرة ودمشق وبيروت. وقد حقق هذان النجمان اختراقاً لهذا الاحتكار. مرت كلمته هذه دون مساءلة أو تحقق. لم يسأل ناصر القصبي أو عبدالله السيد قرداحي متى عرفنا أن بيروت كانت مركزاً للإنتاج الإعلامي الدرامي لتكون في مصاف القاهرة؟ ومتى عرفنا أصلا أن لبنان لها علاقة حقيقية بالدراما؟ إلا إذا كان يعتقد أن إنتاج برنامج يا ليل يا عين إنتاج درامي.
كلنا نقر أن هذه هي صنعة مصرية ونقر إلى حد ما بالإنتاج السوري. أما لبنان فليس لها خط معلق بهذه الصناعية لا من بعيد ولا من قريب. إذا جاء رمضان أخذ الإعلاميون اللبنانيون إجازة لأن البرامج التي تنتج في لبنان لا تصلح في شهر يتسم بطابع ديني كما أن التركيز يكون على الدراما.
إنها قواعد مقررة نقرها حتى نحن. لقد أصبح من السهل ومن البساطة أن تحيد الكويت مثلاً وهي مصدر من أكبر المصادر العربية في الإنتاج الدرامي وتقدم عليها بيروت التي لا وجود للدراما فيها.
عندما بعث كاظم الساهر في منتصف عمره كنا نعيش بكائيات لا حصر لها عن أطفال العراق وآلام العراق وحضارة العراق وهذه كلها بنيت على أن المتسبب فيها كان الخليجيين. فالخليجيون هم سبب بلاء العرب من المحيط للخليج. فقامت حركات تضامن ثقافية مع العراق لا بهدف دعم العراق وإنما بهدف التركيز على دور الخليجيين في بناء مأساة أطفال العراق. وكاظم الساهر كان جزءاً من اللعبة. هذا ما دفعني إلى التساؤل عن مصيره. لا يمكن أن نقرر الآن علام سيؤول وضع كاظم الساهر؟ علينا أن ننتظر سنة أو سنتين عندما يشكل عبئاً لا مبرر له على أكتاف الصحافة العربية المعادية بالفطرة للخليجيين.
فاكس 4702162
|