Wednesday 3rd december,2003 11388العدد الاربعاء 9 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نهارات أخرى نهارات أخرى
معولمون شئنا أم أبينا
فاطمة فيصل العتيبي*

** كلنا نقع تحت طائلة العولمة.. إذ لا فكاك منها..
فإن كنا نرفضها وهذا «مستحيل» لأن العالم يتقولب ويتشكَّل وفق ناتج حضاري واحد لا يقوى الفرد على مواجهته ولا تقوى المجتمعات على التنازل عن حقها في الاستفادة من هذا الناتج الأخير حتى لو كانت مساهمتها فيه طفيفة.
فمجرد أنني إنسان على وجه هذه الأرض التي خلقها الله.. فمن حقي أن أستفيد من ثمرة تطور العالم وتلاقي الحضارات وناتج العلم والرفاهية والتقدم والتقنيات.. وهذا هو الأمر الطبيعي والذي يرفض ويختلف معه هو حتماً يخرج عن السياق الطبيعي ومن شذَّ فليس له حساب في أرقام الزمن.
** إن كنا على النقيض من ذلك الرأي فنقبل على العولمة كماً وكيفاً.. جملةً وتفصيلاً.. دون شرط أو قيد وبرغبة جامحة في الاندماج الكلي مع ملامحها.. فهذا أيضاً خطأ جسيم ومختلف عن السياق الطبيعي الذي يدفع الأسوياء عادة إلى التمسك بملامح حضارتهم الخاصة والإفادة من حضارات الآخرين.
ولعل «الخصوصية» وهي الكلمة التي يتحسس منها البعض ربما لبعض المبالغات التي يسقط فيها مريدوها أحياناً إلا ان الخصوصية الإيجابية التي تبقي للأمة ملامحها دون أن تعرقل سيرها..
هي المواجهة الحقيقية للرغبة المستشرية لدى الثقافة الأمريكية التي تسعى إلى الهيمنة العسكرية والاقتصادية دون أن يمنعها أي رادع إنساني وهي تمارس هذه الرغبة في مناطق شتَّى في العالم سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة..
وحتى على المستوى الفكري والثقافي.. فالديمقراطية التي تريد أمريكا أن تبسطها على العالم وتمني بها بقعاً كثيرة في العالم كما ورد في خطاب بوش الأخير عند الديمقراطيين هي أيضاً رغبة مستشرية للهيمنة على الآخرين تارةً بحلم الحرية وتارةً بطائرات الأباتشي.
** وتبقى قضية الموازنة بين تعاملنا مع العولمة والإمساك بخيط متوسط يجعلنا نقف كأمة لها ثقلها في التاريخ قادرة على إسماع صوتها للعالم وإعلان كلمة «لا» في الوقت المناسب وإعلان «نعم» في الوقت المناسب أيضاً.
وللمفكر المصري محمود أمين العالم كلمة جديرة في هذا الموضوع، إذ يقول: «إننا كتلة تاريخية عظيمة تستطيع أن تفرض السلام في مواجهة الهيمنة، سلام قائم على احترام الثقافات والتراث مما يحدث التأثير المطلوب، ولن يتم ذلك إلا بإشاعة روح العقلانية والإبداع الحقيقي والنقد وروح العمل الجماعي عند كل مهموم بالشأن العام».

4530922

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved