من أول ما يتعلمه دارسو الاقتصاد ما يسمى بالمشكلة الاقتصادية والتي هي موضوع علم الاقتصاد وسبب وجوده وتتلخص في كون الموارد الاقتصادية المتاحة عاجزة عن تغطية الاحتياجات المتنوعة والمختلفة والمتزايدة ويسعى علم الاقتصاد لعلاج هذه المشكلة عن طريق ايجاد الحلول المناسبة وتكاد تتفق جميع الانظمة الاقتصادية في رؤيتها للمشكلة الاقتصادية وكذا في لب الحل وان اختلفت في كيفية الوصول اليه وفي آلياته.
ويكمن حل المشكلة بشكل اساسي في ترتيب الاحتياجات ترتيبا منطقيا بناء على مدى ضرورتها وأهميتها، ومن ثم البدء بالوفاء بأشدها ضرورة ثم التدرج الى الأقل وهكذا وصولا الى الكماليات.
وبدون هذا الترتيب، والتدرج في الوفاء بالاحتياجات يتعذر حل المشكلة الاقتصادية وتزداد حدة، وتتنوع أشكالها وصورها سواء بالنسبة للفرد او المجتمع فالانفاق - على سبيل المثال - على الكماليات واقامة الاحتفالات بشكل مبالغ فيه سيضر بدون شك بالانفاق على السلع والخدمات الأساسية وسيكون ذلك على حسابها، لأن ما هو متاح من موارد غير كاف في جميع الأحوال للانفاق على كل ما نريد الحصول عليه وبالكميات التي نودها وستكون الأمور غير منطقية تماما عندما يكون الفرد أو المجتمع أساسا يعاني من قصور في الحصول على حاجاته الأساسية. ولعل عدم وضوح الرؤية بالنسبة لترتيب الأولويات أو عدم وجود معايير واضحة لترتيبها سبب كاف لاعادة النظر في الكيفية التي يتم بناء عليها ترتيب الاولويات حاليا، ليتم ذلك من خلال معايير منطقية تراعي الاحتياجات وأهميتها والا فالنتيجة الحتمية هدر للموارد الاقتصادية فيما لا طائل من ورائه، في حين انه بالامكان استخدامها في سد حاجات ضرورية. إن الارتقاء بمستوى معيشة الفرد والمجتمع لا يكون بالانفاق على الكماليات والامور الثانوية وإنما باستخدام الموارد الاقتصادية الاستخدام الامثل الذي يحقق افضل مردود لها في الحاضر والمستقبل.
وما نحتاجه من حين إلى آخر هو دراسة لجدوى الانفاق على الاستخدامات المختلفة للموارد الاقتصادية، والمفاضلة بين الخيارات المختلفة واختيار افضلها وأنسبها ويتأكد هذا الامر في حالة الدول النامية التي لا تزال بحاجة الى كل مبلغ مهما صغر حجمه ولا تملك القدر الكافي من المال الذي يسمح لها باهدار جزء منه على استخدامات تأتي في آخر قائمة الاولويات.
|