* بغداد - د. حميد عبدالله:
مع اقتراب انتهاء صلاحية مجلس الحكم العراقي واستبداله بهيئة أو مجلس أو حكومة أخرى تستجيب لمتطلبات المرحلة أمريكياً وعراقياً، طفت على السطح الخلافات التي كانت تغطيها الشراكة في السلطة والعداء لصدام حسين بين أعضاء المجلس.
أعضاء الانتقالي الذين وجدوا ان أيامهم في الحكم غدت معدودة كشفوا بنحو واضح عن برامجهم الخفية التي تستر عليها الشيعة بمبدأ «التقية» وغطاها العلمانيون ب«المناورة والتكتيك»!!.
الإعلان الرسمي عن الخلاف صدر عن عبدالعزيز الحكيم بعد زيارة مكوكية الى مدينة النجف ولقاء ثنائي مع آية الله السيستاني خرج بعده الحكيم ليعلن عبر مؤتمر صحفي ان السيد السيستاني لديه تحفظات على الوثيقة التي وقعها جلال الطالباني مع الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر، فما كان من الطالباني إلا أن يهرع الى النجف بصحبة الحكيم ليوضح السيستاني ما كان غامضا ويستفهم منه عما يدور في ذهنه لأن أحداً مهما كانت قوته ورصيده السياسي ليس باستطاعته أن يتجاهل نداء السيستاني أو يقف ضد فتاواه.
عبدالعزيز الحكيم كان «سيستانيا» أكثر من السيستاني نفسه في دعوته الى ضرورة «تحكيم الشعب العراقي» في قضية اختيار المجلس الوطني الانتقالي، وليس بمقدور أحد أن يرفض هذا المطلب أو يقف ضده.
غير أن جلال الطالباني ومعه أحمد الجلبي اللذين يمثلان التيار المتأمرك في مجلس الحكم أيدا مطلب السيستاني لكنهما وصفاه بأنه مستحيل التحقيق في هذه المرحلة وسوقا حججا بعضها واقعي وبعضها الآخر كلام حق يراد به باطل.
وكلاهما، الطالباني والجلبي، لهما غايات ومرام واضحة من تسويق تلك الحجج، فالطالباني لا يريد حكومة مركزية منتخبة لأنها ستذيب، بحكم الواقع، استقلالية كردستان وتفقد «مام جلال» كما يصطلح عليه الأكراد ميزات وصفات وعناوين كثيرة لا يمكنه الاستغناء عنها بهذه السهولة.
أما أحمد الجلبي فيعلم ان رصيده في الداخل العراقي لا يوصله الى الصف الأمامي في أية تشكيلة حكومية قادمة حتى لو منحه الجنود الأمريكان ومن معهم من قوات التحالف أصواتهم! لذلك أخذ يعزف على وتر عراقيي المنفى مشدداً القول على ان الانتخابات يجب ألا تتجاهل حق 4 ملايين عراقي في الخارج، وان البطاقة التموينية التي يرى السيد السيستاني انها المعيار المناسب لأحقية العراقي في المشاركة في الانتخابات غير كافية بسبب افتقار عراقيي المهجر لها.
الأحزاب والحركات الشيعية التي تراهن على الانتخابات لإيصالها الى سدة الحكم اتهمت جلال الطالباني بأنه وقع وثيقة نقل السلطة مع بول بريمر من دون علم الأعضاء الآخرين في مجلس الحكم، وهذا ما قاله بالضبط عبدالعزيز الحكيم حين أعلن انه لا علم له ببنود الاتفاق وأنها كانت مجرد أفكار مطروحة للمناقشة في مجلس الحكم.
الأيام القادمة ستكشف المزيد من الخلافات بين التيارات المتصارعة في مجلس الحكم.
وإذا كانت التقاطعات في وجهات النظر تجري في أروقة المجلس وعبر المداولات السرية والهمس غير المسموع فإنها ستتحول الى معارك بالعيار الثقيل قريباً.
|