هناك مثل روسي يقول «ضعوا الصوف على عيون الأجانب، حتى لا يروا عوراتنا»! وقد طبقنا هذا المثل كثيراً، حتى إن بعضنا، كان ينظر بريبة وشك، لكل من يتحدث صراحة، أو يلمّح، بأن في بلادنا فقراء، وفقراء لا يختلفون كثيراً، عن هؤلاء، الذين تنزل عليهم فرق مكافحة الفقر، بالبرشوت لكي تعالجهم، وتغذيهم، وتضع لهم نظاماً، يعيشون بموجبه في مقبل أيامهم، حتى لا ينهشهم الفقر بنابه، مرة أخرى، وقد تولى سمو ولي العهد تخليصنا من هذا التحفظ، وكأنه يعطينا إشارة لدراسة المشكلة من جذورها، عندما زار بعض الأحياء الفقيرة، ليصدر أوامره بوضع آلية من شأنها الحد من الفقر، الموجود على أرض الواقع، وليس القضاء عليه، فلا يمكن عملياً القضاء على الفقر، خاصة مع تزايد نسبة المواليد، حتى أصبحت المشكلة السكانية، مثل البالون القابل للانفجار في أي لحظة، وما نراه الآن هي المراحل الأولى لهذا الانفجار، بطالة متزايدة، وأزمات في قبول الدارسين، وحالات طلاق متزايدة، ومشاكل أسرية لا حصر لها، بعضها بسبب الفقر، وبعضها بسبب عدم القدرة، على تحمل مسؤولية كمٍ هائلٍ من الأولاد والبنات، إذا وجدوا الأكل والشرب، لم يجدوا السكن، وإذا وُجد الأكل والشرب والمنزل، عزّ عليهم الحصول على مقعد في الجامعة، أو مقعد في مصلحة، حكومية أو خاصة!
كل هذه المشاكل، أفرزت، وعلى مدى سنوات ما نراه، من تنامي الفقراء، فقد ضاقت فرص العمل أمام الشريحة البسيطة، من المواطنين بقدر اتساعها، أمام الشريحة نفسها من الأجانب، حتى إن الواحد من هؤلاء، بات يغادرنا اليوم بتأشيرة خروج، نهائية لنراه بعد شهر، وقد عاد براتب أعلى، ومزايا أفضل، في الوقت الذي، لا يجد من هم في مستواهم، الفرصة المناسبة، مع أن خريج الجامعة، بات يقبل الآن في العديد من المؤسسات براتب يتدرج من 1500 ريال إلى 2000 ريال، وبدوام ثماني ساعات، لكن حتى هذا الراتب المتدني، ينظر إليه صاحب المؤسسة شذراً، فهناك من يرضى من الأجانب، بنصف هذا الراتب، وهو ما جعلنا نتساءل - لكي نضع ملحاً في عيون بعض أباطرة القطاع - عن التأخر في وضع نظام حد أدنى، للأجور، يكون عادلاً للجميع، ولا يفرق بين المواطن وغير المواطن، لو وضع هذا النظام سوف يفكر أقطاب القطاع الخاص، ألف مرة، قبل أن يطيروا إلى الخارج، لجلب المزيد من العمالة، التي تحتاج أن تتدرب جيداً، حتى تكون مؤهلة للعمل، وهذا التدريب يتم هناك بآليات ومعدات الكفيل، وهي الميزة التي يضنون بها على المواطن!
* فاكس: 4533173
|