في هذا المناسبة أود أن أرحب بمعالي وزير التربية والتعليم د. محمد بن أحمد الرشيد وصحبه الكرام وأشكر معاليه على تفضله بهذه الزيارة التفقدية للمحافظة للوقوف على مستوى التعليم بقسميه بنين وبنات ومعرفة احتياجات المحافظة التعليمية من تعليم جامعي ومعاهد فنية ومبانٍ مدرسية تواكب النهضة التعليمية بمملكتنا الحبيبة لذا أود أن أشكره وصحبه وأتعشم كما يتعشم الأهالي من هذه الزيارة الشيء الكثير لخدمة التعليم ودفعه إلى الأمام كما هي طموحات قيادتنا الرشيدة والمسؤولين في وزارة التربية والتعليم وعلى رأسهم معالي الوزير فنرجو له ولصحبه زيارة موفقة وأن يكون لهذه المحافظة نصيب من ذلك.
كما أود أن أكتب عن بدايات التعليم بهذه المحافظة وقصة أول مدرسة أنشئت وأهديه هذا البحث لمعالي الوزير حيث لا توجد قبل عام 1/9/1373هـ أية مدرسة نظامية بل كانت الطريقة التعليمية بالمزاحمية بدأت كغيرها في سائر بلاد نجد والجزيرة العربية بنمطها وأسلوبها القديم حيث اعتمدت في بداياتها على طريقة الأوائل في الكتابة والقراءة عند الكتاتيب في المساجد والبيوت ومن الجدير ذكره أن المنهج الذي كانوا يقومون بتدريسه عند الكتاتيب هو تعليم القراءة والكتابة وتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية والآداب الاجتماعية المستنبطة من الكتاب والسنة ومن الوسائط المستخدمة في التدريس السبورة اليدوية وهي ما يسمى (اللوح) وهو على شكل (كف) ويكتبون عليه (بالجص) إذا كان اللوح أسود (وبالفحم) إذا كان اللوح أبيض وكان الطلبة يقدمون للمطوع هدية على قيامه بتدريسهم (طبخه قهوة - وتمر - وعيش ودهن) حسب قدرته وعند الختمه لأحد الطلاب سواء لجزء (عم) أو أكثر من جزء يقوم المعلم (المطوع) والطلاب بزفة الطالب من المسجد إلى بيت أهله في مجموعة من زملائه وهم يرددون عبارة (خاتمين جزء عم خاتمين).
ويقدمون للأطفال الهدايا مثل الحب المحموس (السهو) والقريض والأقط والتمر والحلوى المشكل اليابس الذي يصل إلى هذه البلاد من بلاد الشام والحجاز مع الحجاج والغني منهم يذبح ذبيحة أو يعمل غداء جريش وقرصان تشم خنته وأنت على بعد كيلو بمناسبة ختم ابنه للقرآن الكريم أو جزء منه وهذا يتوقف على أحوالهم المادية ثم يعود الطلاب إلى المسجد بعد إكرام (الشيخ) بالقهوة والهيل وشيء من النقود أو غترة (شال).ومن أشهر المساجد التي جرى التدريس فيها في المزاحمية (جامع قصر عبدالله والجامع الكبير بالجنبه، وجامع حضار وجامع الطريف وجامع شخيب وقد باشر التدريس في هذه المساجد شيوخ لهم الفضل الكبير في تعليم القراءة والكتابة في المزاحمية وهم شيوخ فضلاء لهم احترامهم وتقديرهم عند الأهالي ويئمون بهم الجمعة والأعياد وقد احتسبوا الأجر عند الله أولاً سواء كانوا كتاتيب رجال أو نساء حيث يوجد كتاتيب في البيوت لتعليم الفتيات القراءة والكتابة والقرآن والسنة النبوية والآداب ومن أشهر المدرسات في ذلك العصر من النساء (هيله بنت الزير) (والمطوعة والعويسية) ومن الرجال:
1) الشيخ/ عبدالله بن عتيق في زمن الإمام عبدالرحمن آل سعود.
2) الشيخ/ عبدالله بن عثمان بن قاسم يدرس في مسجد قصر عبدالله.
3) الشيخ/ سعد بن حمد بن عمران وكلهم يدرسون في مسجد قصر عبدالله.
4) الشيخ موسى بن عبيدان قاضي البلدة ويعلم القراءة والكتابة مثل أمثاله.
5) الشيخ/ عبدالله بن ذهبه توفي 135هـ مسجد الحرملية.
6) الشيخ/حمد بن عمران في قصر عبدالله
7) الشيخ سعد الزير في قصر عبد الله
8) الشيخ/ناصربن زامل بن بركةإمام مسجد شخيب
وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم وساروا على هذا النهج حتى تم افتتاح أول مدرسة في المزاحمية وهي مدرسة المزاحمية الابتدائية.
وقد اهتم حكام هذه الدولة السنية بالتعليم من عهد الملك عبدالعزيز يرحمه الله إلى عهد خادم الحرمين الشريفين فلم يتوقف الركب التعليمي عند افتتاح هذه المدرسة سواء في المزاحمية أو غيرها من قرى ومدن المملكة وإنما تواصل العطاء والنماء من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله بالتعليم منذ توليه وزارة المعارف كأول وزير معارف في المملكة وقد اهتم بانتشار التعليم وتعميمه في جميع أنحاء المملكة سواء على المد الرأسي أو الانتشار الأفقي حيث اتسعت رقعة التعليم من الروضة حتى الجامعة وبأغراضه المختلفة حتى شملت القرى والهجر والرعاة في أماكنهم وصلتهم فرق مكافحة الأمية في مراعيهم وفي الجبال والسهول ونسأل الله أن يسدد خطى معالي الوزير في تحقيق طموحات قيادتنا وآمال شعبنا.
مدرسة المزاحمية الابتدائية تاريخ تأسيسها وتطورها
مدرسة المزاحمية الابتدائية هي أول مدرسة حكومية تم افتتاحها بأمر من جلالة الملك سعود - رحمه الله - في المزاحمية في 1/9/1373هـ، وذلك عندما زار جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز المزاحمية في تلك السنة، وقد كان للأهالي في ذلك الوقت وفي هذه الزيارة عشم كبير لتحقيق رغبتهم في افتتاح مدرسة نظامية ضمن منظومة المدارس في مدن وقرى المملكة التي تم افتتاح مدارس بها، وقد رتب الأهالي من ضمن البرنامج الترحيبي بجلالة الملك سعود مجموعة من الأطفال تستعرض أمام الملك وتقدم السلام والتحية لجلالته وانتظموا في صف واحد ومنظم ويلبسون زياً واحداً هو الثوب المرودن والغترة الشال والعقال فأقبلوا وعيون الجميع تنظر إليهم تعجباً وهم يرددون:-
نحن أطفال البلاد ليس لنا معلم
في نسق واحد وبصوت واحد وبخطوات منتظمة واثقة
فقال جلال الملك سعود رحمه الله لأحد المرافقين من حوله ماذا يريدون فأجابه إنهم يطلبون فتح مدرسة ابتدائية يدرسون فيها ويتعشمون أمر جلالتكم لهم فقال جلالته: افتحوا لهم مدرسة بحال السرعة فجاء الأمر وجاءت اللجنة من الرياض عام 1373هـ وافتتحوا المدرسة في قصر الأمير عبدالله بن فهيد آنذاك، وقد بُذلت جهود كبيرة من الأهالي لتأثيث المدرسة صاحبها فرح بهذا الافتتاح، وأول من عمل فيها كمشرف ومدير هو راشد بن سعد بن سعيد وعمل معه مشائخه في الكتاتيب في ذلك الوقت الذين يدرسون في المساجد القراءة والكتابة والقرآن الكريم، والسنة النبوية وهم عبدالله بن عثمان القاسم، وعبدالرحمن عبدالله بن رشيد، كما التحق بهم الأستاذ صالح المقرن بعد فترة منتدباً من قبل إدارة التعليم يساعدهم على التنظيم وعمل الجدول، وتعريفهم للتعليم المدرسي وطرق التدريس النظامي، وترتيب العمل اليومي، كما انضم إليهم عبدالعزيز بن غانم خلال فترة وجيزة ثم انضم الأستاذ عبدالعزيز الشعلان كمدرس رسمي، والمدرس عبدالرؤوف ويونس (من الأردن) كما عمل معهم في ذلك الوقت سعد بن سليمان مسعود عامل وبواب المدرسة، وكذلك ارشيد بن قاسم كمراسل منذ افتتاحها، وكانوا يتقاضون راتباً بسيطاً مقداره سبعون ريالاً والقهوة والهيل والشاي والسكر ترسله الحكومة لهم.
1 ) وهي نواة لأكثر من ستين مدرسة بنين وبنات.
2 ) لمدة ثلاثة أشهر.
3 ) منتدب من تعليم شقراء بحكم المعرفة بينه وبين راشد بن سعد الذي هو أصغر المدرسين. وانتهى عام 1373هـ ولم يدرسوا منه إلا ثلاثة أشهر ولم يكن فيه نتائج ولا شهادات وفي بداية عام 1374هـ بدأت الدراسة النظامية، وزارهم في المدرسة مدير عام التعليم في ذلك الوقت الشيخ/ ناصر المنقور، وقد أجرى اختبار للمدرسين فأجاز راشد بن سعد بن سعيد وعبدالله بن عثمان القاسم وعبدالرحمن بن عبدالله الرشيد وهم الموجودون في ذلك الوقت واعتمد مباشرتهم للعمل في التعليم النظامي في المدرسة.وقد سجل في المدرسة أكثر من مائة وثلاثة عشر طالباً ووزعوهم في الفصول حسب معرفتهم للكتابة والقراءة، فالذين يعرفون القراءة والكتابة صعدوهم للصف الثاني ابتدائي، والذين لا يعرفون صنفوهم في الصف الأول، واستمرت المدرسة يتوالى عليها المدرسون والطلاب حتى خرجت أول دفعة من الصف السادس عام 1379هـ ومن خلال السرد السابق نلاحظ كيف تم افتتاح المدرسة وكيف تطورت، وقد سميت المدرسة باسم مدرسة المزاحمية الابتدائية بهذا الاسم تخليداً لاسم هذه القرية وبهدف التعريف بها وانتشار ذلك في منطقة نجد، وكذلك بدافع حب أبناء هذه القرية لها وهم يرغبون سماع اسم قريتهم في السجلات الرسمية وبصفة يومية، وهم الذين ولدوا على ترابها وتنفسوا هواءها وسعدوا بمشاهدة رمالها وسهولها وجبالها وخضرتها، ولا غرابة في ذلك، وتراهم يحاكون الشاعر العربي الذي يقول:
ولي وطن آليت ألا ابيعه
ولا أرى غيري له الدهر مالكا
وقول شوقي:
وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني إليه في الخلد نفسي
شهد الله لم يغب عن جفوني
شخصه ساعة ولم يخل حسي
وقول شاعر المزاحمية إبراهيم بن عبيد:
لي ديرة بين الطعاميس وخشوم ونزبن اللي يا بو تركي ربنها
والمزاحمية لؤلؤة من عقد كبير اسمه المملكة العربية السعودية يحيا في قلوبنا جميعاً.
(*) استاذ متقاعد وعضو المجلس المحلي بالمحافظة
|