الأستاذ لقمان هارون شاب مسلم في العقد الرابع من عمره ممتلئ بالحيوية، خريج الجامعة الاندونيسية الوطنية ونال شهادة الماجستير، قضى وقته في الاعمال الإسلامية منذ أن كان طالبا.
وكان يرأس جمعية الشبان المسلمين التي تضم 17 منظمة للشباب المسلم، وبعد تخرِّجه من الجامعة التحق بالحزب الإسلامي وانتخب أمينا عاما للحزب وكان أيضا عضوا في البرلمان الاندونيسي.
الف منظمة باسم لجنة «التضامن الإسلامي» التي تضم عناصر من خيرة الشباب المثقف من احزاب ومنظمات إسلامية عديدة.
ويقوم الاستاذ لقمان هارون الآن برحلة طويلة في ربوع الشرق الاوسط وبلدان افريقيا للاتصال والاجتماع برجال وزعماء المسلمين.
والاستاذ لقمان هارون صاحب المواقف المعروفة في البرلمان لمقاومة التبشير المسيحي كما انه أحد القادة المعروفين للاطاحة بالشيوعية واحباط ثورتها في عام 1385.وفي هذا اللقاء الاخوي بين مندوب جريدة «الجزيرة» والاستاذ لقمان هارون الذي جمع بينهم اللقاء الإسلامي الكبير بمكة المكرمة جرى الحديث كما يلي:
* ما الهدف من زيارتكم بلدان الشرق الاوسط وأفريقيا؟
- الغاية من هذه الزيارات التمكن من الاجتماعات واللقاءات المباشرة بزعماء ورجالات المسلمين لتوثيق عرى الاخاء ومعرفة وضعيتهم بعيداً عن المجاملات والبروتوكلات الروتينية الرسمية المصطنعة التي تقف دائما عند حدود الاحتفالات، وبالطبع ان اتصالاتي ستكون بعيداً عن الرسميات، وسوف اجتمع وأتصل بالمسلمين كأخ يزور إخوانه ويجب أن أعرف عنهم كل شيء كما يجب أن يعرفوا عنا كل شيء أيضا حتى نشعر بما يشعرون في الافراح والاتراح فنشاركهم سراءهم وضراءهم، ونقوم بما يمكن ان نقوم به لمساعدتهم ونرفع اصواتنا للعالم اذا ما اصابهم مصيبة أو تعرضوا لمشاكل.
واننا لنأسف كثيرا لما دهى المسلمين في بعضهم بعضا من انشغالهم في الامور الثانوية فجعلوا من هذه الخلافات الجانبية اساسا في تفكيرهم واندفعوا بعواطفهم اليها مما يفيد العدو، فعلينا ان نحكِّم عقولنا في كل شيء للصالح الإسلامي العام ولخير المسلمين.
* هل سبق أن قمتم برحلة مثل هذه؟
- زرت الباكستان والهند واليابان وكثيرا من بلدان آسيا كما زرت بعض بلدان اوربا والشرق الاوسط.
أما افريقيا فهذه اول رحلة بالنسبة لي، وفي الرحلات السابقة اتصلت برجال المنظمات والجمعيات وزعماء المسلمين والطلبة وخصوصا في اوربا اذ يوجد مجموعة كبيرة من ابناء المسلمين الذين وفدوا من بلادهم لطلب العلم.
وقد استفدت من هذه الرحلات وعرفت حقيقة الاوضاع التي منها نستطيع ان نتخذ الخطوات الممكنة للعمل، في المرحلة القريبة والمرحلة البعيدة حسب الظروف والامكانيات الموجودة.
* ما النشاطات التي تقوم بها منظمتكم؟
- بالطبع ان جميع الامكانات محدودة، ونعمل في الاطار الذي يمكن العمل فيه، ونحن نبذل الجهد للاتصال بالشعب المسلم في العالم خصوصا في الاماكن المقطوعة عن المراكز الإسلامية بسبب وجود استعمار أو غيره.
كما اننا على اتصال دائم بالحركات والمنظمات الإسلامية العالمية والمؤتمرات الدولية بإرسال بيانات تتعلق بالمسلمين وتقديم مشاريع ومقترحات ولفت نظر المسؤولين وتقديم الاحتجاجات عندما يعاني المسلمون الطغيان والمظالم.
فقد بعثنا مثلا عدة اقتراحات وتوصيات إلى المؤتمرات الإسلامية العالمية والى مؤتمر وزراء الخارجية للدول الإسلامية بكراتشي والى المؤتمر الإسلامي الآسيوي الافريقي، والى اجتماع المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي والى كثير من المؤتمرات الاخرى.
فموقفنا صريح في المسألة الفلسطينية وهو تأييد الكفاح العربي لاسترجاع الاراضي المحتلة واعادة الاماكن المقدسة الى المسلمين كما نؤيد كفاح شعب كشمير وجنوب افريقيا وتركستان والقفقاز وسيكيانغ وغيرها من البلدان التي لا تزال تعاني مرارة الاستعمار، وكل هؤلاء مسلمون يجب أن ينالوا حقهم في الحياة ويقرروا مصيرهم.
لقد رأينا كثيرا ممن يتحاشون التحدث عن حالة اخواننا تحت الاستعمار الروسي أو الصيني بحجة المحافظة على العلاقات الدولية لئلا تتأثر.
ومعنى هذا أننا نهمل اخواننا ونضحى بملايين المسلمين في سبيل مصلحة الملاحدة وأعداء الدين فان لم يهتم المسلمون بإخوانهم المسلمين المستعمرين فمن يهتم بهم؟
* ما هي انطباعاتكم عن قرارات مؤتمر المنظمات الإسلامية العالمية الذي انعقد في وقت سابق في مكة المكرمة؟
- اطلعت على القرارات في الصحف وهي بصفة عامة مهمة لأنها تناولت المسائل المهمة الحساسة في الوقت الحاضر، غير أن هناك قراراً يعد من أهم القرارات وهو انشاء «اتحاد الشعوب الإسلامية».
وهذا أول قرار يتخذ في الوقت الحاضر للوصول إلى تكتل الشعوب الإسلامية.
فمؤتمر الدول الإسلامية في حاجة إلى تدعيم الشعوب الإسلامية ليكون الموقف أقوى والنفوذ أوسع والخطوات أجدى، حيث يقف مئات الملايين من المسلمين في العالم في موقفاً واحد.
فالطاقة البشرية في العالم الإسلامي كبيرة وهائلة لا يمكن الاستهانة بها، ففي هذه الامة قوى كامنة يجب الانتفاع بها.
* كيف استطاعت الشيوعية أن تشق لها طريقا في إندونيسيا؟
- في حقيقة الامر ان الشيوعية لم تجد تربة صالحة في إندونيسيا وهكذا أعتقد في جميع البلدان الإسلامية أيضا.
الشعب الاندونيسي متدين، والمتدين بطبيعة الحال لا يكون ملحداً ولا يحارب الاديان.
وكان الاستعمار الهولندي لمصالح سياسية ولمحاربة الاسلام والمسلمين فبعث بالهولندي الاشتراكي المعروف المهندس سنيفليت لينشئ حزبا اشتراكيا أولا ثم حزبا شيوعيا.. والغاية من ذلك إلهاء المسلمين بالشيوعية حتى ينسوا محاربة الاستعمار، ليخلوا لهولندا ودعاة المسيحية الجو ويكونوا في مأمن من الاصطدام مع المسلمين.
وبعد الاستقلال دعمت الشيوعية من حكومة العهد البائد لايجاد توازن بين القوى الموجودة في اندونيسيا، ووجود من ينافس الاحزاب الإسلامية حتى لا تسيطر على الحكم.
وكانت القوى الشيوعية الخارجية من وراء هذه التحركات.
وعندما شعر رجال العهد البائد بتزعزع الشيوعية، فرضوا على الشعب ادماج الدين والقومية في الشيوعية باصطلاح «ناساكوم» وذلك لتثبيت الحركة الشيوعية بالاكراه.
ومن ذلك الحين ازداد التوتر بين الشعب وبين الحكومة البائدة والذي جر الى الثورة الشيوعية عام 1965م التي ذهب فيها مئات الالوف من المسلمين ضحايا، ولكن باءت الثورة بالفشل، لأن الشيوعية جاءت بالاكراه وليست لها في قلوب الشعب محل.
* ما هي انطباعاتكم عن المملكة العربية السعودية؟
- رأيت في هذه الزيارة الخاطفة وجود قيادة رشيدة وتوجيه سليم في الحكم واتجاه محكم واستقرار وطيد وأمن وطمأنينة في البلاد يتمتع الشعب به ويشعر بهذا كل فرد يفد إلى هذه الديار.
هذا ما لمسته، وبالطبع إن التقدم لا يحصل ولا يكون إلا بوجود هذه الامور التي تضمن الاستقرار في البلاد، وعلى هذا الاساس فإن للبلاد السعودية مستقبلاً زاهراً في جميع المجالات.
|