Tuesday 2nd december,2003 11387العدد الثلاثاء 8 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
في الوقت المناسب !
خيرية إبراهيم السَّقاف

لا أحسب أنَّ أحداً لا يفكِّر الآن في مدى أهمِّيَّة إعادة النَّظر في الخطاب الدِّيني بين الدُّعاة، والموجِّهين، ورجال الحسبة، وطلاَّب العلم الشَّرعي، وبين عامَّة الناس الذين يتلقُّون عنهم.. فالنَّظر بعين البصيرة إلى ما طرأ من «انفلات» غير ذي ضابط في سلوك فئة من الشباب، وبين تراجع فئة ممَّن أفتَوْا بما تراجعوا عنه، لَيؤكد أنَّ كثيراً من التراكمات سوف تظهر وسوف تكون على شكل لا يقرُّه عقل، ويخرج عن مسار المنهج المقبول في العلائق بين الأفراد والجماعات وبينهم وبين رعاتهم. ولقد كان من المتوقَّع أن يكون الخطاب الدِّيني هو على نهج خطاب الأئمَّة منذ عهد رسول اللَّه صلَّى الله عليه وعلى آل بيته وصحابته وسلّم يعطي العلم، ويساعد على العمل به، عمل قلب وعمل جوارح. فإذا بنا نجد بين العامَّة أنَّ هناك من يتناقض فيها...، ولئن كانت هناك عوامل أخرى تتضافر على صُنع هذه الفئة المنفلتة كالتَّنشئة الأُسريَّة، والتَّربية المدرسيّة، والمؤثِّرات المجتمعيَّة الأخرى، إلاَّ أنَّنا في مجتمع قوامه شريعة اللَّه، ونهجه خُلُق وأدب وسلوك الإسلام، وكان لا بدَّ أن يتحقَّق في جميع أفراده على الإطلاق الحدُّ الأدنى من التَّمثُّل لهذا النهج، غير أنَّ ما حدث أثبت وجود كثير من الفجوات بين هذه القنوات، وعدم وجود دعامات تربط بينها بحيث يكون حصادها وجود أفراد متَّزنين، على سكينة العلم، وفي وقار العمل به.
إنَّ هناك ثقة كبيرة في علماء ودعاة وموجِّهي ورجال الحسبة في هذه البلاد، غير أنَّه من المفترض ألاَّ يكون هناك اختلاف في النَّهج أو تضارب في التَّوجُّه أو تفاوت في آليَّات التَّأثير. فالنَّبع واحد والمصدر واحد ولا بدَّ أن يكون للمنهج والطريقة في بناء الفرد المسلم في المجتمع شكلٌ واحد. قوامه، الاعتدال، والرِّفق، وسعة الصَّدر، وتقبُّل الآخر.
هذا المنهج ينطلق من محجَّة القرآن برفق رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بالعامَّة في الدَّعوة حين خاطبه تعالى بقوله الكريم: {وّلّوً كٍنتّ فّظَْا غّلٌيظّ القّلًبٌ لانفّضٍَوا مٌنً حّوًلٌكّ} ثم بقوله: {وّجّادٌلًهٍم بٌالَّتٌي هٌيّ أّحًسّنٍ...}...
إنَّ دور العلماء في توطيد دعائم السّلوك لدى الأفراد مناطه المعاملة الحسنة، وقبول العذر، والصَّبر على التَّربية، وسعة البال، والتبصُّر في الفروق بين قدرات الأفراد إذ وجَّه صلَّى اللّه عليه وسلَّم إلى مخاطبة النَّاس والتعامل معهم على قدر عقولهم... وهو عليه إن شاء الله علماء هذه البلاد إلاّ من اعترف.
وعلينا التبصُّر فإنَّ ما يُحاك الآن في العالم للإسلام والمسلمين وعلى وجه التَّحديد في هذه البلاد يحتاج إلى إعادة النَّظر من قِبل الجميع في أمر الخطاب الدِّيني الذي يوجَّه للنَّاشئة وللعامَّة من أجل كسب فرص التَّأثير في توجيههم وتربيتهم وتوعية قلوبهم وعقولهم في ضوء هذه السّيول الهادرة المتدفِّقة من كلِّ صوب تؤثِّر فيهم بالصُّورة والصَّوت والكلمة والفعل. وهذا ما يدعو إليه القادة، وفضيلة المفتي العام، والأفاضل العلماء الثُّقاة انطلاقاً من الحرص على صناعة الفرد الصَّالح لجعل هذا المجتمع مجتمعاً صالحاً.
إنَّها مهمَّة عظيمة هذه التي أُنيطت بالعلماء. في ضوء الظروف العالميَّة ومتغيِّراتها.
أسأل اللّه تعالى أن يعينهم عليها ويوفِّقهم إليها ويجزل لهم الأجر عنها كما أسأل الله لهم العون، بأن يهيِّئ لهم من الآباء والمربِّين والمعلِّمين والمفكِّرين من يؤازرهم في هذا الوقت الذي فيه هم في أمسِّ الحاجة لشيء غير يسير من الحكمة والأَناة والتقرُّب إلى الناشئة، ومنحهم التَّوجيه، والعلم بأسلوب التَّرغيب الذي كان سيِّد البشر محمَّد صلّى اللّه عليه وسلَّم قد ساد به فنشر الإسلام...، وبلغ به شأوه.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved