صفحاتٌ من القطع المتوسط لم تتجاوز العشر صفحات بعد المائة ضمَّها كتاب اسمه «رؤية حول تصحيح صورة بلادنا وإسلامنا» صفحاتٌ ضمَّت عدداً من القضايا المطروحة في ساحة الإعلام والحوار هذه الأيام، حاول كاتبها الأخ الكريم الأستاذ «حمد القاضي» أن يتلمَّس - باختصار - مكامن المشكلة محاولاً ابرازها، وابراز العلاج الذي يمكن أن يسهم في ازالة آثارها السيئة في الأمة والمجتمع والوطن.
الكتاب برغم صغر حجمه، وعدد صفحاته المحدودة تناول قضايا متعدِّدة تتعلَّق بالوضع الراهن الذي يعيشه العالم في حالة الحرب «الارهابية» العامة التي تكاد تنتشر ألسنة نيرانها في كل بقعة على وجه كوكبنا الأرضي.
تناول الأستاذ «حمد» الحديث من جوانب متعددة ذات أهمية كبيرة منها ما يتعلق بالاسلام والأحداث الملتهبة الأخيرة التي بدأت مع بداية أعمال التفجيرات الكبرى التي تشكِّل تفجيرات البرجين الكبيرين في أمريكا أضخمها، وأعمقها أثراً، ومن الجوانب ما يتعلق بالتهم الموجهة الى ديننا الاسلامي بصفة عامة، وبلادنا المملكة العربية السعودية بصفة خاصة، وبين ذلك التهم الموجهة الى المؤسسات العلمية والخيرية، وأهل العلم والخير، والدعاة والعلماء، وبعض محبي العمل الخيري من ولاة الأمر.
لقد جرى قلم الأستاذ «حمد القاضي» دون تكلُّف في طرح هذه الجوانب، معتمداً على اضاءات من القرآن والسنة وآراء العلماء قديماً وحديثاً، خاصةً في حديثه عن الفرق بين التديُّن والتطرُّف، وبين الجهاد بمعناه الشرعي الصحيح، والارهاب الذي تحدَّد تعريفه في بيان مؤتمر المجمع الفقهي الاسلامي الذي انعقد في مكة المكرمة في 21/10/1422هـ، حيث جاء تعريف الارهاب المعاصر واضحاً مستوعباً للقضية «العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الانسان؛ دينه ودمه وعقله وماله وعرضه» وهذا المعنى الواضح لا يحتاج الى تأويل عند أصحاب العقول النيِّرة، والقلوب المطمئنة بيقينها السليم من الشوائب.
إنَّ القلم الذي تمرَّس في الكتابة الأدبية الرقيقة سنوات طويلة، لم يجر في هذا الكتاب بلغة صعبة معقدة الأسلوب، وإنما جرى سلساً واضحاً رقيقاً أيضاً برغم صعوبة الموضوعات التي طرحها، فحديثه عن فرية الوهابيَّة جاء مسترسلاً حتى في نقل أقوال الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وسرد الأدلة من الكتاب والسنة. وكذلك حديثه عن الاسلام والتعددية، وعن سماحة الاسلام، والاسلام واحترام الانسان وحتى في عرضه لنماذج من سماحة الخلفاء والعلماء، وفي مناقشة للتهم الظالمة الموجهة الى مناهج التعليم في بلادنا، مستخدما في هذه المسألة بعض الحجج المنطقية والموازنات المقنعة، مثل موازنته بين اتهام المناهج بالارهاب بحجة وجود من يتبنَّى هذا المنهج من بعض أبناء المسلمين، وبين إمكان اتهام مناهج الكيمياء والفيزياء بأنها تدعو الى الارهاب لأن المتفجرات تصنَّع وفق مسائل وتركيبات من نتاج هذين العلمين، ثم يؤكد بأنها تهمة ظالمة غاشمة، وأن مناهجنا التعليمية خرَّجت وما تزال تخرِّج أجيالاً من العلماء والمفكرين والأدباء والمثقفين الذين يتقنون أساليب التعامل مع البشر جميعاً وفق الضوابط الشرعية التي لا تحمل إلاَّ الخير للبشر أجمعين.
وتناول الأستاذ حمد موضوع اتهام العمل الخيري الاسلامي بالارهاب ودعم أهله مشيراً الى مواقف تنفي هذا الاتهام وتنقضه من أساسه.
كما حاول أن يردَّ على من اتهم الاسلام بتهميش المرأة المسلمة موضِّحاً بطلان الدعاوى التي تطلق في هذا المجال.
وطالب وهو الأديب ورجل الإعلام المتمرِّس أصحاب الأقلام من أدباء ومثقفين وصحفيين أن يقفوا في وجه هذه الحملات المغرضة صفاً واحداً.
ولأن الكتاب له علاقة بالأمن فقد أهداه المؤلف الى الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وبدأ الكتاب بمقدِّمة من وزير الداخلية تضمَّنت اشارات جميلة الى أهمية دور الكتاب والمفكرين في هذه الأزمات. إنه كتاب يستحق القراءة.
إشارة:
إنه القرآن ينبوع يقين
منه تجبر أرواح كسيرة
|
|