صفحة تصدر من إدارة التحرير للشؤون الثقافية بالتعاون مع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض
متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبدالله هزاع العتيبي
يتناول مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل في تحليله لتأثيرات الاستراتيجية العمرانية الوطنية أداء الاقتصاد الوطني في إطار الاقتصاد العالمي. وتحتاج المملكة في هذا السياق أن تكون أكثر تنافسية على المستوى العالمي، وذلك باجتذاب مستثمرين جدد، والحفاظ على الاستثمارات السعودية، وتنمية القطاع الخاص، وإيجاد وظائف جديدة للشباب السعودي.
استراتيجية حيوية
ونرى بأن السياسات والإجراءات التي تحد من هذا التوجه ستؤدي الى نقص معدل النمو الاقتصادي للمملكة وبالتالي تنشأ صعوبات كبيرة في فترة تستمر فيها الزيادة السكانية وتنامي القوى العاملة.
كما أن النقص في معدل النمو الاقتصادي بالعاصمة قد يؤدي الى انخفاض دخل الفرد على مستوى المملكة.
ويقترح في مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل الذي تقوم عليه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ان ينظر الى الاستراتيجية العمرانية الوطنية كاستراتيجية حيوية تركز مبدئياً على تنمية كل جزء من أجزاء المملكة وفقاً للمزايا الاقتصادية النسبية الخاصة بكل جزء.
والمنطق من ذلك يجب أن تنافس الرياض المناطق الأخرى بالمملكة على أسس اقتصادية صحيحة. وعلى المدينة ان تتكفل بكامل تكاليف تنميتها.
وقد يجعل ذلك المناطق الأخرى من المملكة أكثر تنافسية وبالتالي أكثر جذباً للاستثمارات الجديدة.
مركز الاستثمار
الرياض في طريقها أن تصبح «مركزاً» للاستثمار الخاص في الاقتصاد السعودي.
كما أن «التحويل» غير الحقيقي للاستثمار الى مناطق أخرى غير مستدامة اقتصادياً يعد سوء استخدام للموارد الشحيحة، وبالضرورة سيؤدي ذلك الى حرمان الرياض من استثمار عام مهم على الأقل على المدى القصير، مما قد ينتج عن ذلك ابطاء النمو الاقتصادي للمملكة ككل.
ويلاحظ بأن نصيب منطقة الرياض من المملكة «والمنطقة تفوق في مساحتها مدينة الرياض بالطبع وتشتمل على مدن أخرى كبيرة مثل الخرج» ومن المتوقع استمرار الزيادة في المدى القصير.
التحدي والعولمة
ستواصل الرياض نموها حتى في حالة نجاح السياسات الهادفة الى تحويل النمو عنها على المدى الطويل، وذلك بسبب حيويتها وتركيبتها الديموغرافية الخاصة، ولكن بمعدل أقل وتحكم أكثر.
كما سيكون التحدي في إمكانية التحكم في النمو بأساليب يمكن من خلالها تحقيق الرؤية المستقبلية للمدينة وكذلك تأكيد دورها الرائد في قلب منطقة حضرية مزدهرة.
ويعد من الأمور المهمة في تطوير السياسات الخاصة بمدينة الرياض في النطاق الوطني مراعاة حقيقة كونها عاملاً مهماً في دفع الاقتصاد السعودي وعلى وجه الخصوص في نطاق العولمة والتنمية في منطقة الخليج.
كما تعد من السياسات الرئيسية بالمملكة تقوية القطاع الخاص وسعودة الوظائف، حيث توضع كأمر مهم في أولويات العمل الاقتصادي والاجتماعي ايجاد الوظائف للشباب السعودي.
تنوع صحي
وتوضح المسوحات الاقتصادية التي تمت مؤخراً بأن مدينة الرياض هي أكبر مدينة أعمال في منطقة الخليج وإذا ما قارنا اجمالي الإنتاج المحلي «GDP» في غير قطاع النفط فإن ترتيب مدينة الرياض يكون سابقاً للكثير من المدن مثل الكويت، دبي، الشارقة، عجمان، جدة، الدمام، البحرين، بما في ذلك مدينة ابوظبي وغيرها.
وقد يعزى ذلك جزئياً الى سبب حجم السكان، إلا ان ذلك يشير ايضا الى التنوع الصحي في اقتصاد الرياض وهو امر مفيد للمملكة ككل.
ومن المحتمل ان تؤدي العوائق للحد من التنوع الاقتصادي بدعوى ايجاد تنمية «أكثر توازناً» إلى إعاقة قوة الدفع الاقتصادي للرياض ونمو القطاع الخاص بها الى درجة تحدث فيها تأثيراً سلبياً على كل المملكة.
كما تعد الاستراتيجيات الخاصة بالتنوع الاقتصادي مهمة لتقوية اقتصاد الرياض.
وفي نفس الوقت، فإن الإطار الاستراتيجي للمدينة قد تم تصميمه بطريقة تسمح باستيعاب عدد أقل من السكان بحلول عام 1442هـ/ 2021م دون اضعاف الخطة المعدة للتنمية للمدينة، وذلك في حالة إبطاء النمو المطرد للمدينة في المستقبل.
مراقبة ومراجعة
يمكن ان تتجاوب الخطة المرحلية للتنمية والأوقات المحددة لتقديم خدمات المرافق العامة والاستثمارات الأخرى مع الأنماط الفعلية للنمو حسب التغييرات التي تحدث مع مرور الزمن، وتعد المراقبة والمراجعة المستمرة لاتجاهات التنمية أمرين هامين.
حواضر اقليمية
يفضل مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل على المدى البعيد «25-50 سنة» تطوير مدن تابعة ومراكز اقليمية تكون حواضر اقليمية ومركزها الرياض.
وستكون مدينة الرياض المدينة المركزية لهذه الحواضر الاقليمية ولكن يتحدد نموها بحد اقصى قدره 10-12 مليون نسمة ويعتمد ذلك على كثافات التنمية.
وسيبدأ تحويل النمو الاضافي بعد عام 1425/2015م للمدن التابعة والمراكز الاقليمية وفقاً للسياسات، وذلك بافتراض استمرار التوقعات المتوسطة في النمو السكاني، حيث تكون تلك المدن جاهزة في ذلك الحين للتنمية.
بيئة واستدامة
ويمكن ان تضم المراكز الاقليمية مدينة الخرج ومدينة المجمعة، وان تضم المدن التابعة المزاحمية في الجنوب والحسي ورماح في الشمال وبالطبع هناك احتمالات أخرى مطروحة.
كما أن هذه المراكز وعلى وجه الخصوص مدينة الخرج ستعاني من ضغوط تنمية متصاعدة، وعليه يجب التخطيط لتطوير هذه المراكز بصورة متسلسلة تتناسب مع معدل النمو لكامل الاقليم، ويجب إدارة أحجام هذه المراكز كل على حدة وفقاً للمحددات البيئية والموارد المتاحة وكذلك على مبدأ الاستدامة ويجب في منطقة مثل الخرج حماية الموارد الزراعية والمائية القيمة كأمر له الأولوية في إدارة النمو الحضري.. والتوفيق بين ذلك ومتطلبات التنمية في المدينة.
مدينة تابعة
كما ينبغي وضع خيار لتحديد مدينة تابعة رئيسة، على سبيل المثال الحسي في الشمال أو الخرج في الجنوب، وتطويرها كمدينة «تابعة» لكي تتكامل مع التوسع في مدينة الرياض. وقد يكون من المطلوب ان تنمو مثل هذه المدينة المقترحة الى نحو 3 - 4 ملايين نسمة حتى يكون لها تأثير على نمو الرياض.
من الواضح كذلك انه سيكون هناك ضغوط من أجل توسيع الهجر والقرى الصغيرة وزيادة التخطيط في الأراضي الريفية بغرض تشييد الاستراحات وما شابه ذلك «مثل العمارية وغيرها»، ويجب مقاومة مثل هذه الضغوط من أجل المحافظة على التنمية المستدامة وبيئة جيدة للمنطقة.
كثافة وكفاءة
ونرى ان تكون الأولوية لإعداد مخطط اقليمي لمنطقة الرياض كمطلب عاجل بحيث يمكن النظر في التأثيرات الاقليمية للنمو في منطقة الرياض الحضرية وإدارته.
وتوضح حدود المخطط الهيكلي لمدينة الرياض بأنه داخل النطاق العمراني للمدينة ويتبنى التركيز الواضح لزيادة كثافة التنمية، وزيادة كفاءة المرافق العامة، وبعث الحيوية والنشاط في منطقة وسط المدينة وذلك ما يتوافق مع المبادئ المضمنة في الاستراتيجية العمرانية الوطنية ويحققها.
|