Al-jazirah

أهمية استثمار المال في ميادين الخير ومجالات العطاء الإنساني أهمية استثمار المال في ميادين الخير ومجالات العطاء الإنساني

نشرت «الجزيرة» في عددها الصادر يوم السبت 27/9/1424هـ مقالة قيمة للأستاذ عبدالعزيز بن علي الشويعر بعنوان «النفع العام» وجه فيه دعوة مخلصة صادقة لكل القادرين في هذا البلد الكريم بأن يبادروا إلى الإسهام في خدمة الوطن والمواطن ولا عذر في ذلك لكل موسر قادر للإسهام بجهوده مع الدولة في كل مجال من مجالات الخدمة الإنسانية وتفاعلا مع هذا الطرح الهادف والدعوة الصادقة لخدمة هذا الوطن فإن قوته وازدهاره قوة لنا جميعاً وتقاس الأمم بقوة إنجازاتها وعطائها وبما تحققه من آمال وطموحات ومن المنظور التاريخي فإن العطاء والإنجاز يبقى على مدار الأيام والسنين.
وللمال وظيفة في الحياة ويحرص الرجال المخلصون والأوفياء لدينهم وأمتهم ووطنهم على استثمار المال في تحقيق الخير والتنمية ومختلف الخدمات على المستويات الاجتماعية والثقافية والصناعية ولقد قيل:

وإنما المرء حديث بعده

فكن حديثا حسنا لمن روى

ويروى عن حاتم الطائي قوله:

أما وي إن المال غادٍ ورائح

ويبقى من المال الأحاديث والذكر

أما وي ما يغني الثراء عن الفتى

إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

وحب المال غريزة فطر الله عليه الإنسان كما قال تعالى: {وّتٍحٌبٍَونّ المّالّ حٍبَْا جّمَْا} وقال: {المّالٍ وّالًبّنٍونّ زٌينّةٍ الحّيّاةٌ الدٍَنًيّا} كما فطر الإنسان على حب التملك والاستثمار بالمال لذلك نرى الناس لا يدخرون جهدا في سبيل الحصول على جميع الأموال وتكديسها وأبعادها عن أهدافها الأساسية مما يؤدي إلى نتائج سلبية تؤدي إلى تعطيل المال عن أداء دوره الأساسي في المجتمع وأن المال جميل إذا أخذ من حله وأنفق في حقه كما في الحديث: «نعم المال الصالح للعبد الصالح».
وما أجمل ما ينفق المرء في مجالات الخير وميادين العطاء والعمل والبر والإصلاح وما أجمل أن نتدبر قول الله تعالى: {وّلا تّجًعّلً يّدّكّ مّغًلٍولّةْ إلّى" عٍنٍقٌكّ وّلا تّبًسٍطًهّا كٍلَّ البّسًطٌ فّتّقًعٍدّ مّلٍومْا مَّحًسٍورْا} ويتحدث الناس كثيرا عن المال ويجذبهم بريقه ويتفاوتون في سبيل الحصول عليه على اختلاف في الأساليب.ولا شك أن المال تتجلى منافعه وزينته في حسن التصرف والبعد عن الغش والخداع وأداء حق الله فيه واستثماره في المشاريع الخيرية والمجالات النافعة وغير ذلك مما يعود على الأمة بالخير والنفع والفائدة بحيث يزدهر وضعها الاقتصادي وتنمو تجارتها وتزداد خيراتها في مجالات الكسب وميادين العمل والعمران والبناء والنهضة والتقدم والازدهار ولتحقيق العزة في الدنيا والسعادة في الدار الآخرة ولقد قيل.

تزود من الدنيا فإنك راحل

وسارع إلى الخيرات فيمن يسارع

فما المال والأهلون إلا ودائع

ولا بد يوما أن ترد الودائع

فالمال وسيلة من وسائل الخير والنفع ويجب أن نوظفه في خدمة وطننا ومجتمعنا ليزدهر فيه الخير والبر والتعاون ولقد قيل:

فكرت في المال وفي جمعه

فكان ما يبقي هو الفاني

وكان ما أنفقت في أوجه

للبر بالمعروف والإحسان

وهو الذي يبقى وأجزى به

يوم يجزى كل إنسان

فالمال ينبغي أن يكون وسيلة نافعة وعاملا من عوامل التقدم والازدهار والعمران أما كنزه وتجميعه خوفا من ضياعه أو خشية الفقر فذلك أمر غير جائز ولقد قيل:

ومن ينفق الساعات في جمع ماله

مخافة فقر فالذي فعل الفقر

وتراثنا العربي زاخر بمواقف رائعة لرجال يملكون المال وقد أسهموا في مجالات عدة وفي ضروب الخير والإصلاح والبر والإحسان وفي شتى المجالات النافعة ولقد قيل:

وما ضاع مال أورث المجد أهله

ولكن أموال البخيل تضيع

ولقد سجل التاريخ في صفحاته مواقف رائعة تفيض بالفخر والتقدير لرجال أسهموا بأموالهم في بناء أمجاد أمتهم وخدمة أوطانهم ورفعتها ومساعدة مواطنيها وعمل الخير وإسداء الإحسان في شتى الميادين.فالمال وسيلة وأداة من أدوات الخير وينبغي أن نعمق معاني الشعور والإحساس بأهمية بذله في وجوه الخير وبناء المدارس والمستشفيات وإبداء الإحسان ونشر العلم وتلبية حاجات المجتمع فالحياة الدنيا مرحلة إنتاج وعمل يستثمر فيها المسلم طاقاته عن إيمان وهدى للحياة الأبدية الخالدة في الدار الآخرة. وترسيخ القيم الأصيلة والمثل الكريمة كما أن أعمال الخير تؤدي دورها في غرس المحبة والتراحم والصفاء والتعاون بين أبناء الأمة ورفع مستوى أمتنا وبلادنا والقيام بدورنا في التقدم العلمي والعالمي والعمل على كل ما يعود على المجتمع بالخير والتقدم والازدهار حقق الله الآمال ووفق الجميع.

عبدالله بن حمد الحقيل