الحمد لله على نعمة الأمن
الحمد لله على نعمة أُلفةِ القلوب
الحمد لله على رغد العيش
الحمد لله على زوال الغُمَّة
لقد عانت هذه البلاد من انفلات الأمن في زمن مضى يعيه ويعرفه الجيل الذي لم يبق منه إلا القلائل، أما هذا الجيل المعاصر فلم يعرف الخوف ولا السرقات فضلاً عن القتل والتفجير، لقد نشأ هذا الجيل على أن الأمن شيء ميسر ولذلك ترى الشاب ينزل من سيارته ويترك المحرك يدور مما سهل على بعض العابثين سرقة السيارات، ولو أدرك هذا الشاب زمن جده الذي يترك حماره في الدار ويحمل متاعه على ظهره خوفاً من سرقة الحمار لما ترك محرك سيارته يدور وهو بعيد عنها، ولو خرج هذا الشاب مع أبناء قريته إلى معركة مع اللصوص الذين أخذوا أغنام القرية لوعى نعمة الأمن، إنني أدعو مديري المدارس إلى تنظيم رحلات طلابية إلى القرى المحاطة بعدة أسوار تنتظم فيها البروج ليقفوا على استعداد أجدادهم للأعداء وأن الأمن يدفع له ثمن ليس بالقليل يقتطعه الرجل من وقته ومن ماله على مدار العام، والقرى التي لا تزال أسوارها شامخة موجودة في بلادنا، ففي منطقة الرياض تنتظم هذه الأسوار قرى سدير والأفلاج وغيرهما من أقاليم بلادنا الواسعة.
لقد ثبت الأمن في هذه البلاد على يدي القائد الفذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ومعه كل مواطن ذاق مرارة العيش في ظل الانفلات الأمني والقتل الرخيص، لقد لبى رجال القرى والمدن نداء القائد فانضموا إليه داعين له بالتوفيق مع مؤازرة منهم وبذل من أموالهم وأنفسهم حتى ارتدع الظالم وصينت الأنفس والأموال، وقد اعترى الأمن المستتب ثغرات ذكَّرَت الناس وحشة الخوف ونهب الأموال واستباحة الدماء كما حصل في زمن معركة السبله وحركة ابن رفاده مما جعل الناس يجددون الولاء للقائد ويدعون له في مجالسهم في كل قرية:
الله يعز ابن سعود .. الله يكتم عدوه .. الله ينصره .. الله يظلل على المسلمين ..الله يرفع رايته ..الله يخذل عدوه .. الله يخذل من فيه شر عليه
هذه العبارات تسمعها في كل مجلس وتشعر أنها خرجت من القلب، فالمعاناة ألهبت العواطف ورققت الأحاسيس فالذي قالها ذاق الأمن بعد الخوف والطمأنينة بعد القلق والراحة بعد التعب، إنها عبارات الوفاء وكلمات التقدير تفيض بالمحبة وإظهار الشكر.
لقد أدخلتنا فئة من أبناء هذا البلد في عنف لم تعرفه البلاد، وإفساد في الأرض لم يألفه المواطن، كنا نسمع عن أحداث دامية في الجزائر ونتعجب من وقوعها ولم يدر في خلدنا أن ما يشبه تلك الأحداث سينتقل إلى بلدنا وأن الأيدي العابثة ستكون من مواطنينا، ولكن العجب تحول إلى حدث بل أحداث حيث تفجرت الأرض في غرناطة الرياض وفي مجمع المحيا في قلب العاصمة والحدث الأخير في شهر رمضان والقتلى من المسلمين، يا للهول هل يقوض أبناء البلد أمن بلدهم بأيديهم إنها الطامة الكبرى وأم البلايا، ولكن سرعان ما استيقظ الضمير فتحول المحرضون عن آرائهم وسمعنا وقرأنا عن بوادر تبشر بالخير، وفي الوقت نفسه خطا الأمن في بلادنا خطوات متقدمة في ردع المعتدي وإشعار المواطن بالطمأنينة، فقد أحبط الأمن في يوم العيد تدبيراً إجرامياً وقضى على وكر من أوكار المجرمين مما رفع الروح المعنوية للمواطن والمقيم في هذا البلد المملكة العربية السعودية.
إن معالجة الإخلال بالأمن من قبل تلك الفئة تتحدد في مسارين، المسار الأول معالجة شرعية للبغاة الذين سفكوا الدماء وأتلفوا الأموال فأصحاب الحقوق سيتعقبونهم ويطالبون بدمائهم وأموالهم إضافة إلى حق الدولة فتلك حقوق يقررها الشرع ولا خلاف أو تراخي في استيفائها.
أما المسار الثاني فهو معالجة أمر الموقوفين الذين لم يسفكوا الدماء ولم يتلفوا الأموال ولكنهم يرغبون في ذلك إلا أنهم لم يقدموا عليه بعد، إن هذه الفئة من أبناء هذه البلاد، ومن واجبنا تقويم اعوجاجهم وذلك باختيار الوعاظ الذين يبينون لهم طريق الصواب بالرفق واللين، فالوعظ يلين القلوب القاسيةويحول الجفاة إلى النظرة الصائبة وطريق الرشاد، إن الواعظ الذي أوتي زمام الكلم مع فقه وورع وتبحر في التفسير والحديث واطلاع على سيرة نبي هذه الأمة وسير الرعيل الأول من الصحابة والتابعين، مع إلمام بالتاريخ العام ومصائر الأمم وما ألم بها من الويلات بسبب النزاعات، مع عرض لما آلت إليه الأمور في الصومال والجزائر والعراق من سفك الدماء بغير وجه حق ونهب الأموال وإتلاف الممتلكات وهتك الأعراض، إن الواعظ الذي يملك تلك الأدوات سيعيد تلك الفئة إلى طريق الصواب وستزول عن أعينهم تلك الغمامة فيعودوا إلى طريق الجماعة كما عاد غيرهم بعد أن تبين لهم الخطأ، إن تلك الفئة جزء من جسم الأمة، فالجسد عندما يصاب جزء منه يهرع المريض إلى علاج العضو المصاب بأنواع العقاقير فإذا تبين أن جميع أنواع الأدوية لم تجد وأن المرض قد ينتقل إلى أجزاء الجسم عند ذلك يلجأ، الأطباء إلى قطع العضو المصاب، وليكن تعاملنا مع تلك الفئة هو تعامل الأطباء مع العضو المصاب، فلنبدأ بالوعظ ثم الوعظ ثم الوعظ فتراجع العشرات سيذيب الحماس لدى تلك الفئة وسترى الحق عندما تزول عن أعينها الغشاوة.. إن لدينا العدد الكبير من الوعاظ، ومهمتهم رد هؤلاء إلى الحق وإلى طريق الصواب جنَّب الله بلادنا كل شر.. وأبعد عنها الأشرار
اللهم اكشف سترهم كما كشفته يوم العيد .. اللهم احم بلاد الحرمين ..فالغمة بدأت تنقشع ولله الحمد
|