** المرسوم الملكي الذي صدر يوم امس الأول السبت 5/10/1424هـ باحداث تعديلين جوهريين على مادتين مهمتين من «نظام مجلس الشورى» يأخذ بعده لأنه جاء في سياق الاصلاح الشامل الذي وعدت به القيادة، وها هي تسير في خطوات تنفيذه، وبمعنى آخر فان القيادة عندما تقول فانها تنفذ وتعمل ولكن وفق خطى متزنة، وليس وفق «إملاءات» من يدّعون الاصلاح، او بالاحرى يدعُون الى الافساد لأن من ينشد الاصلاح وينشد الخير لوطنه وابناء وطنه لا يمكن ان يكون اداة هدم يحرض - وقد نفى نفسه عن وطنه - على الفساد، بل ويفرح بأي ضرر أو حدث ارهابي أو إجرامي يقع في وطنه ويسفك دماء أبناء عشيرته الأقربين.
***
** أتوقف عند مدلول هذين التعديلين في نظام مجلس الشورى اللذين جاءا محققين لوعد - قطعه قبل بضعة أشهر - خادم الحرمين الشريفين في خطابه المهم عند افتتاح السنة الثالثة من الدورة الثالثة لمجلس الشورى بتاريخ 16/3/1424هـ والذي قال فيه بالنص: «أؤكد لكم اننا سنستمر في طريق الاصلاح السياسي والاداري وسنعمل على مراجعة الأنظمة والتعليمات، واحكام الرقابة على أداء الاجهزة الحكومية، وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية، وفتح آفاق أوسع لعمل المرأة في اطار تعاليم الشريعة الغراء، وغني عن الذكر ان مجلسكم الموقر سوف يقوم بدوره الكامل في تحقيق الاصلاحات المنشودة».
لقد كانت اولى خطوات التطوير لنظام مجلس الشورى واعطاء المزيد من المشاركة في صنع القرار جاءت بالفقرة الأولى من الامر الملكي التي كانت تنص بالسابق على ما يلي:
«المادة السابعة عشرة: ترفع قرارات مجلس الشورى الى رئيس مجلس الوزراء ويحيلها الى مجلس الوزراء للنظر فيها، فان اتفقت وجهات نظر المجلسين صدرت بعد موافقة الملك عليها، وإن تباينت وجهات النظر فللملك اقرار ما يراه».
أما الآن فقد تم تعديلها حيث ان الملك لن يتخذ القرار إلا بعد إعادته لمجلس الشورى مرة اخرى ليبدي رأيه أولا بدلا من ان يبت الملك فيه وذلك عندما يختلف المجلسان: مجلس الوزراء ومجلس الشورى على القرار الصادر من مجلس الشورى.
إن لهذا ابعاده المهمة من جانب إعطاء المزيد من الثقة والاعتبار والأهمية للمجلس وأعضائه، فالملك - وفق هذا - رأى ألا يصدر قرار حول موضوع درسه مجلس الشورى ولم يوافقه عليه مجلس الوزراء الا بعد إعادته للشورى لابداء رأيه.
إن هذا بقدر ما يعني احترام قرارات المجلس فان هذا - بالتالي - سوف يعود بالجدوى على المواطن الذي يمثله، لقد أعطت القيادة السياسية لقرارات مجلسه التقدير الذي يستحقه، والمزيد من الصلاحيات التي وعدت بها.
***
** أما المادة الثالثة والعشرون التي جرى عليها تعديل فهو الآخر مهم إذ يعطي المزيد من المشاركة في ايجاد القرار وصنعه وبالتالي فان ذلك يصب في مصلحة الوطن والمواطن.
لقد كان نص المادة: «لكل عشرة أعضاء في مجلس الشورى حق اقتراح مشروع نظام جديد أو تعديل نظام نافذ وعرضه على رئيس مجلس الشورى وعلى رئيس المجلس رفع الاقتراح إلى الملك».
أما الآن وبعد التعديل الجديد وفق المرسوم الملكي الجديد فقد أُعطي لمجلس الشورى ورئيسه صلاحية دراسة ومناقشة أي نظام أو تعديله دون الحاجة إلى الرفع الى الملك كما كان في نظام المجلس قبل التعديل، ومن ثم يتم الرفع للملك بعد ذلك فيما توصل إليه المجلس.
إن هذا التعديل سوف يخدم المواطن ويسرع في تحقيق تطلعاته ومناقشة الكثير من القضايا والأنظمة الحياتية التي تشغل ذهنه، وذلك من خلال المبادرة في دراسة ما يحقق مصلحته ومصلحة وطنه دون الحاجة الى الرفع الى الملك لأخذ الموافقة من عدمها حيث ان الرفع يتسبب في تأخير دراسة الأنظمة والقضايا الملحة التي تلامس حياة المواطن، وتهم الوطن.
إن هذا التعديل يعني إعطاء المجلس الصلاحية الكاملة بدراسة أي نظام أو تعديله أو أية قضية تهم المواطن دون المرور بدورة روتينية من شأنها تأخير صدور الدراسة والرأي وبخاصة ما يتعلق بالقضايا والانظمة التي تمس شؤون التنمية وحياة المواطن.
وقد انجز قائد ما وعد به، فها هي بداية التطوير، واعطاء المزيد من الصلاحيات لمجلس الشورى ضمن مسيرة الاصلاح الشاملة بكل ما يحقق العيش الكريم لأبناء هذا الوطن، والمستقبل - بحول الله - يبشر بالكثير من الخير والاصلاح.
***
** وبعد: إن صدور مثل هذه التعديلات على نظام المجلس من شأنه ان يفعل دوره ومسؤولياته، وهذا هو الإصلاح، فالمواطن لا يهمه شكل أو آلية المجلس بقدر ما يهمه اعطاءه الصلاحيات التي تُعطى له - كما قال الكاتب المعروف د. عبد الله مناع في مقاله تحت عنوان «مجلس الشورى الصلاحيات والانتخابات»: «المجالس في الدنيا سواء كانت شورية أو برلمانية بصلاحياتها اولا وليس بانتخابها او تعيينها» «صحيفة المدينة 28/12/1412هـ».
وختاماً: لقد أنجزت القيادة بعض ما وعدت به من تفعيل وتطوير نظام مجلس الشورى في سياق «منظومة الاصلاح» التي تسير عليها، والقادم سيكون - بحول الله - أروع وأشمل ولكن ضمن خطوات دقيقة مدروسة.
لقد أضحينا في هذا الوطن نشهد ونرى بين آونة وأخرى متقاربة خطوات إصلاحية تستهدف سموق ونماء هذا الوطن ومشاركة المواطن في صنع قراره.
حفظ الله هذا الوطن.
وحفظ عليه أمنه ليبقى أبدا واحة أمن، ودوحة نماء.!
(*) عضو مجلس الشورى
|