كان صباح الجمعة «دامياً».. تنبعث منه رائحة الموت...
حين كنت في الجريدة للتجهيز لعدد السبت جاءني اتصال من شخصية فنية معروفة بالقاهرة ليخبرني بمقتل الفنانة التونسية «ذكرى» في جريمة دراماتيكية انتهت فصولها بأن انتحر الجاني وهو «زوجها».. والظروف غامضة حتى لحظة كتابتي لهذه الكلمات..
حقيقة لم يفجعني الخبر ولم يحرك شيئاً... ولكن...
الاتصال الآخر.. كان على الطرف الآخر صوت «يبكي» وللحقيقة فقد ربطت البكاء بما سبق ولكن...
مات طلال الرشيد...
سكووووت...
هنا كان لا بد لي من الجلوس بعد أن كنت واقفاً...
(بين هذا السطر وما قبله نصف ساعة «سكوت»).
قد يعجز اللسان عن التعبير أحياناً... وقد يتوقف القلم عن الركض أحياناً أخرى حين تنغلق الأفكار على نفسها بسبب ما هي فيه...
فطلال الرشيد.. رجل اكتسب حباً من الجميع.. رجل وهب نفسه ووقته لإعلام «نظيف»... نقل نقاءه للناس.. ووزّع فواصله البيضاء على الجميع...
طلال الرشيد.. إن مات جسداً فهو حي بالذكر الطيّب والسيرة الحسنة...
آخر مرة التقيته كان قبل رمضان وكان جالساً في مكتب الزميل عبدالله الراجح سكرتير تحرير فواصل...
كان الوقت «ضيقاً» ولكننا استعرضنا جملة من الأمور سألته عن بعض الأشياء التي رفض أن يفصح عنها لسبب أنه أراد بها «خيراً» لمن يحتاج...
طلال الرشيد يجبرك على «حُبّه» بمجرد أن تراه.. فكيف بك لو جلست معه...
لست هنا ممن يعددون كلمات المديح في الميت بعد موته...
ولكن هذا الرجل اتفق على حبه كل من يعرفه...
في الجزائر «مات» الملتاع...
وفي الرياض «قُبِرَ»...
وفي قلوبنا «ترسّخ» حبه...
دعوة من القلب لهذا الرجل:
اللهم ارحمه برحمتك...
اللهم اغفر له...
اللهم اجعله من المغفور لهم واجعل قبره روضة من رياض الجنة...
اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه...
اللهم نقّه من الذنوب والخطايا.. كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس.
اللهم وسّع مدخله.. واجعل كل هبوب عليه من الجنة..
اللهم ارحمه..
اللهم ارحمه..
اللهم اغفر له..
ما أضعفنا يا الله...
وما أقل حيلتنا...
لا حول ولا قوة إلا بالله
{انا لله وانا اليه راجعون}.
|