Sunday 30th november,200311385العددالأحد 6 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ذلك مبلغهم من العطش..! ذلك مبلغهم من العطش..!

يقول المفكر والأديب الشهير مارشل في نظرية شهيرة له «مضمون الرسالة يكمن في وسيلة تبليغها» the message/ is the medium
انجدفت في ذاكرتي ومخيلتي هذه النظرية وأنا امتري اخلاف الذاكرة ولاسيما حينما قرأت بيتا اورده الشاعر عبدالرحمن العشماوي في يوم السبت 13 رمضان العدد 11363 في مقالة نماذج مضيئة فكان لي هذا التعقيب المقتضب:


هل يُطلب الماء ممن يشتكي عطشا
هل يطلب الثوب ممن جسمه عاري

في البدء لن يكون مروري على هذا البيت مروراً ترانزيتيا عابرا عبور طير روضة تحمل في طياتها اعشابا من النفل والكادي والخزامى!.. صاحبنا يستهل بالاستفهام «هل» بيدَ انها هنا مقرونة بالطلب وعندها قال البلاغيون انها تكون ابلغ كما ذكر الزمخشري في تهميشاته على الكشاف!
عزيزي القارئ: تأمل بصحبي تلك الجملة التضادية والمقابلة اللا نمطية بين العطش والماء بينهما طلبا وفي تقديري ان الشاعر استطاع تكميم المارد في قمقمة في هذا الشطر بالذات! بالفعل للجمال عناوين! الشاعر ايضا استهواه التكرار في تشكيل صورة فنية بيد انها هنا بثوب مخملي! ولبوس اخاذ، ما يلحظ وما يعد بارزا في البيت «القضية» هو اسلوب الاقناع الباهر من لدن الشاعر وهذا ناتج من روعة تشكيل الصور الفنية.
وإذا ما ذهبنا للضفة الأخرى صوب الوحدة الموضوعية أو ما يسمى بتجليات المعنى أقول: العاقل يعنيه الوقت ويعرف معدن الآخر «المقابل» من أول وهلة وما له من الشر والخير فيكون بمنأى عن الطبطبة على الظهور! والاستجداء والتشكي وهذا يتشكل ويتبلور حينما نعرف من هو الآخر فيكون النسيان والناتج والنتيجة.
وفي تصوري انه أي البيت يُعد من الدرر الشعرية ومعناه يتبادر في مخيلتنا كثيراً أكثر من الهم على القلب! صاحبنا اجاد الحركية والسكونية «يطلب، يشتكي، الماء» تمثل الحركية «الثوب، جسمه عاري» تمثل السكونية، كذلك برع في الانتقال من اللا محسوس إلى المحسوس وما اعنيه نبرة الشطر الأول والثاني الحسية، ختاما لا مناص لي من الاستشهاد بمقولة سارتر، إذ يقول «ما أضعف الإنسان الذي لا يستطيع ان يرفع من قيمة نفسه».
عبدالله بن سليمان الربيعان القصيم

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved