إن المتأمل لما يحدث في بعض الدول الاسلامية من حالات التطرف قد لا تستغرب عند الكثير من الناس لأنها لا تحكم الشريعة الاسلامية وتضايق العلماء وطلبة العلم وتمنعهم من ممارسة أبسط حقوقهم التعبدية، فلهذا تصبح الفرصة مواتية للتطرف الذي قد يتجاوز المألوف في طريقة التعبير عن المعاناة التي دفعت الكثير إلى انتهاجه، أما في المملكة العربية السعودية فالمعادلة مستحيلة وصعبة جدا لأنها هي الدولة التي تكاد تكون الوحيدة في العالم الإسلامي التي تطبق الشريعة الاسلامية ونحن نعلم ان الكمال لله وحده والعصمة لأنبيائه، فمن هنا ممكن أن تحصل أخطاء وممارسات قد لا تعجب الكثير من المواطنين الذين لم يؤصلوا هذه الممارسات في منهج عقيدة أهل السنة والجماعة.
علما أننا لو تأملنا في تاريخنا الاسلامي والأحداث التي مرت به لوجدنا ان بعض الخلفاء تجاوزوا وتنكروا لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومع ذلك تعامل معهم العلماء من خلال منهج أهل السنة والجماعة، وممن رسخ هذا المنهج الإمام أحمد بن حنبل مع ما تعرض إليه من أصناف العذاب والإهانة إلا أنه كان متماسكاً ومدركا لأبعاد الخروج على إمام المسلمين وقال قوله المشهور لو كان لدي دعوة مستجابة لصرفتها إلى ولي أمر المسلمين.
وهذا الموقف الشجاع الذي يأتي من إمام أهل السنة والجماعة يحتاج إلى تأمل من شباب هذه الأمة ولاسيما الذين غرر بهم لأن المنهج الذي تقوم عليه المملكة العربية السعودية يكاد يفوق العصر الذي عاش فيه الإمام أحمد بن حنبل، ولا سيما من يحكم في ذلك الوقت واعتقد أنه يحق لنا أن نتباهى في المملكة العربية السعودية بل في العالم الإسلامي أجمع بولاة الأمر الذين رسخوا العقيدة الإسلامية وجاهدوا من أجلها ولم يفرطوا ويتنازلوا عنها لأي سبب من الأسباب فمنظومة الحكم قائمة ومنهج التأصيل قائم في كل شيء، والتعامل مع صنوف المعرفة الثقافية والعلمية والأدبية يتم من خلاله.
فلهذا ليس هناك أي حساسية في التعامل مع فئات الشعب لأن المجتمع كافة متدين فنظرة إلى رجال الأمن تجد البعض منهم يرخي لحيته ويباشر مهامه الأمنية وهو محل ثقة ولاة الأمر الذين يدركون أهمية العقيدة والتمسك بها لأنه هي مصدر السعادة والأمن في حياة الأمة، فمن هنا الإنسان تساءل عن الحالات الشاذة والدخيلة التي أجزم بل أقسم بالله ان ممارساتها ليست من هدي الإسلام بل من هدي الشيطان وإلا كيف يطلقون العنان لأنفسهم بقتل المسلمين والمعاهدين والآمنين.
وتدمير مكتسبات الأمة وتشويه الإسلام وأهله بحجج واهية لا تستند الى علم شرعي، فلهذا لابد من أبناء هذه الأمة من علماء ومفكرين ومثقفين ورجال التربية والتعليم وجميع مؤسسات المجتمع الأهلية والحكومية من ترسيخ المعاني السامية للتربية الإسلامية، وهذا لا يتم إلا من خلال منظومة ترسمها هذه الجهات وتأخذ طريقها بداية في مناهج التعليم التي هي الوحيدة التي ترسخ التربية الصحيحة والأجيال المتتابعة التي ننظر اليها لاستشراف المستقبل سوف تكون نتاج التربية السليمة، فلهذا اقترح ما يلي:
1 ربط بعض الاحداث التي تحصل من حالات التطرف بالمواقف التي حصلت في تاريخنا الإسلامي وكيف تم التعامل معها ويتم ذلك من خلال مناهج التعليم
2 إشراف هيئة كبار العلماء على البرامج الاسلامية الموجهة للشباب.
3 إيجاد قنوات اتصال مباشرة بين هيئة كبار العلماء ومجلس الشورى فيما يتعلق بالتشريعات المتعلقة ببعض القوانين التي يقترح تطبيقها في المملكة.
4 تكثيف المحاضرات والندوات لأعضاء هيئة كبار العلماء ولاسيما في مدارس التعليم العام والكليات الأخرى والجامعات.
5 إلزام جميع الهيئات الرسمية والمحلية بما يصدر من هيئة كبار العلماء من فتاوى وتنبيهات.
6 تعميق الحوار بين العلماء والشباب من خلال مركز يتم إنشاؤه داخل أروقة هيئة كبار العلماء.
7 ضرورة تواجد أعضاء هيئة كبار العلماء في وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمشاهد لتعريف الناس بأمور دينهم والمخاطر والتحديات التي تواجه الأمة.
8 تفعيل البحث العلمي من خلال الاطروحات العلمية التي تشخص الحالات الفكرية الشاذة بين الشباب.
9 توظيف الشباب والقضاء على أوقات الفراغ عنده.
10 التجنيد الإجباري ووضع استراتيجية له مغايرة تماماً للأنظمة المتبعة في بعض الدول العربية بحيث يتخللها برامج علمية وتربوية وثقافية ودينية.
* مكتب التربية العربي لدول الخليج |