Sunday 30th november,200311385العددالأحد 6 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المسافة بين الأمن والإرهاب المسافة بين الأمن والإرهاب
د. جمعة بن خالد الوقاع (*)

ما المسافة بين الأمن والإرهاب، وما الفارق بين الطمأنينة والخوف، وبين السكينة والرعب؟
هل يمكن قياس المسافة حسياً، أم معنوياً، أم هي مسافة خارجة عن التصور الذهني المجرد، وبعيدة عن المقارنات.
تبادرت هذه التساؤلات إلى ذهني، ومرت مئات الصور في مخيلتي، عند سماعي نبأ إحباط العملية الإرهابية من قبل السلطات الأمنية في أحد أحياء شرق الرياض، في أيام العيد المبارك.
ومثار هذه التساؤلات هي المسافة الزمنية بين محاولة ارتكاب جريمة مروعة في حقنا في يوم عيد، في يوم يحتفل فيه المسلمون في هذا البلاد في عيد الفطر المبارك، ويحمدون الله الذي أعانهم على قضاء صيام رمضان وقيامه، ويدعون الله أن يتقبل منهم، في هذا الجو المفعم بالروح الإيمانية الصادقة، في تلك الفترة الزمنية القصيرة، - ما بين دخول العيد والقبض على هؤلاء - يخطط هؤلاء الإرهابيون للقيام بعملية إرهابية مروعة، وباستخدام مواد متفجرة بلغ وزنها آلاف الكيلو غرامات.
التساؤل الثاني: عن تلك المسافة الحسية التي تقاس بالوسائل المحسوسة، وهي المسافة بين نقطة إلقاء القبض على الخلية الإرهابية في شرق الرياض، وبين مكان الاحتفالات بحلول العيد المبارك في شرق الرياض، فالمسافة بين المكانين قريبة جداً من الناحية المكانية، ولكن الفارق بينهما من الناحية الشرعية والأخلاقية، فارق يقاس بالسنين الضوئية، فهو الفارق ذاته بين الخطأ والصواب، وبين الليل والنهار، وبين الخير والشر، وبين الظلمة والنور، بل هي المسافة بين الإيمان، وضده. فماذا كان يحدث في المكانين؟
مكان الاحتفال توجد به أعداد كبيرة من الأسر والأطفال الصغار، يحتفلون مع بقية أطفال العالم الإسلامي، بهذه الأيام المباركة، التي أباح الشرع لنا الاحتفال والفرح واللعب فيها، كانوا يشاهدون الألعاب النارية والعروض الرياضية التي لم تخرج عن الإطار الشرعي المسموح به، في مجملها، هذه الصورة المبسطة لما كان يحدث في مكان الاحتفال بأيام العيد المبارك.
أما المكان الثاني: فالصورة مختلفة، والنية سيئة، والقصد فاسد، والهدف محرم، فقد كان يعد في هذا المكان العدة لعملية إرهابية جديدة، كانت أدواتهم، ليست الألعاب النارية التي تستعمل للفرح أو الاحتفال، بل أدوات ومواد خطيرة جداً، تستخدم من قبل الجيوش النظامية في ميادين الحروب والمعارك، أرادوا باستعمالها القتل والتدمير، وإزهاق الأنفس البريئة المعصومة.
مواد مكونة من أعداد من القذائف الصاروخية، والقنابل، والصواعق المتفجرة، وأسلاك التدمير، ومكونات كيميائية شديدة الانفجار، حتى يضمنوا بفعلهم الشنيع إيقاع أكبر عدد من الضحايا والخسائر.
كما أنهم استعملوا الخداع والمكر في هذه العملية، وذلك من خلال طلائهم بعض سياراتهم بلون مركبات الجيش السعودي - وهو عمل غير متقن، ومن اليسير كشفه لمن لديه أدنى خبرة ومعرفة بمركبات الجيش السعودي - وإعدادهم لبعض شعارات الجهات العسكرية والأمنية السعودية، وذلك لاستعمالها في أهدافهم الشريرة مستقبلاً إن استطاعوا.
إن هذا الأسلوب ينم عن خسة في الطبع، ولؤم في التخطيط، وهو نوع من أنواع الغيلة المحرمة تحريماً شديداً في الشرع، وأن هذه الفئة الباغية الضالة، لا تتورع عن استعمال أي شيء في سبيل تحقيق أهدافها، بل ومحاولة يائسة لزرع نوع من عدم الثقة بين المواطنين وهذه الأجهزة العسكرية والأمنية، التي أثبتت أنها واعية وعلى قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها في التصدي لهذه الفتنة التي نسأل الله أن يقضي عليها في أسرع وقت.

* كلية الملك خالد العسكرية
ص ب: 122429 الرياض 11721

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved