* واشنطن - من بات ريبر - د ب أ:
على الرغم من أن الزيارة السرية التي قام بها الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى بغداد يوم الخميس مثلت دعما معنويا للقوات الأمريكية هناك وسبقا في مجال العلاقات العامة في حملة الانتخابات الرئاسية في الداخل، فإنها أثارت أيضاً عاصفة من الانتقادات والتساؤلات على جانبي الاطلنطي، وقال ديمقراطيون ان الزيارة لن تغير من حقيقة انه لا يفترض أصلاً أن يكون الأمريكيون في العراق كما لن تغير من ان الجنود الأمريكيين أصبحوا هدفاً في ميدان الرماية.
وتردد أن الشخصيات السياسية العراقية أعربت عن عدم رضاها لعدم إبلاغها بالزيارة مسبقاً، وما زاد الأمر سوءاً أن العراقيين كانوا وقت الزيارة يحتفلون بعيد الفطر المبارك، وجاءت الأنباء المفاجئة بأن بوش في بغداد في وقت كان فيه ملايين الأمريكيين يقومون بطهي الطعام أو كانوا جالسين حول موائد الطعام العامرة احتفالاً بذكرى مناسبة الشكر، وعلى الرغم من أن الديمقراطيين في الولايات المتحدة أصيبوا بالذهول من هذه الخطوة، فإنهم تجنباً للظهور بمظهر غير وطني تحلوا بضبط النفس في انتقاداتهم.
وفي الوقت ذاته، فإن وسائل الاعلام التي تغطي أخبار البيت الأبيض - التي ترك معظمها جالساً متعفراً بالتراب أمام منزل بوش في كروفورد بولاية تكساس بينما تسلل هو من البوابة الخلفية - أثارت تساؤلات تتعلق بالأمن القومي وسابقة تضليل الرأي العام عن مكان وجود الرئيس.
وكان الصحفيون الذين الجمتهم الدهشة قد تلقوا تعليمات بالتجمع واحداً تلو الآخر في تكساس في نحو الساعة الرابعة من بعد ظهر الأربعاء، حيث أبلغوا بأنهم سيتوجهون مع الرئيس بوش إلى بغداد حيث هبطت طائرة الرئاسة أرض المطار بصورة متعرجة تجنباً لإطلاق النار المحتمل عليها من جانب المتشددين.
وكان التعتيم على الزيارة شديداً لدرجة أنه حتى المراقبة الجوية العسكرية في مطار بغداد لم تحط علماً بشخصية ركاب الطائرة إلا بعد هبوطها مطفأة الأنوار وسط ظلام دامس، طبقاً لما ذكرته صحيفة (نيويورك تايمز)، فالطيران في منطقة قتال، حيث سبق أن تعرضت طائرة نقل جوي تجارية لصاروخ أطلقه المتشددون قبل خمسة أيام، يمثل خطراً، رغم بساطته، داهما على حياة ركاب الطائرة، ولم يكتشف معظم رؤساء التحرير أن الرئيس وحفنة الصحفيين غادروا الولايات المتحدة متوجهين إلى العراق إلا عندما كانت طائرة الرئاسة تحلق بالفعل عائدة من العراق.
أما أولئك الأفضل حالاً فأبلغهم صحفيوهم قبل وقت من الرحلة قبل توجههم إلى العراق بشرط فرض السرية الصارمة على الزيارة وعدم نشر أي أخبار عنها.
وانتقد فيليب توبمان مسئول التحرير في صحيفة (نيويورك تايمز) في العاصمة واشنطن ما وصفه «بالخداع المتعمد» من جانب مسئولي الاعلام في البيت الأبيض الذين أبلغوا الصحفيين بأن بوش سيمضي مناسبة ذكرى الشكر في مزرعته في ولاية تكساس.
لقد جعلت رحلة بوش من الأزمة العراقية محوراً لحملة الرئاسة بصورة أكبر، ومع تدني دعم الرأي العام الأمريكي للحرب مع ارتفاع محصلة القتلى الأمريكيين، أخذ المرشحون الديمقراطيون في اتهام بوش بأنه تذرع بمعلومات استخبارية غير دقيقة لتبرير الغزو وبأنه يفتقد خطة تحدد ملامح حكم العراق فيما بعد.
وقد منع الصحفيون من تصوير النعوش العائدة للوطن تحمل رفات من قُتلوا في المعركة، كما انتقدت بعض عائلات الجنود الذين قُتلوا عدم مشاركة الرئيس في تشييع الجنازات، ورد البيت الأبيض على ذلك بقوله إنه ليس من العدل أن يشهد الرئيس بوش بعض الجنازات ولا يشهد الآخر.
ونقلت صحيفة (نيويورك تايمز) عن جاي كارسون المتحدث باسم مرشح الرئاسة الديمقراطي هاورد دين قوله «حسناً فعل الرئيس بوش بزيارته إلى العراق، لكن هذه الزيارة لن تغير من حقيقة أن هؤلاء الرجال والنساء البواسل ما كان يجب أن يكونوا في العراق أصلاً، ووصف السيناتور جون كيري وهو منافس رئاسي ديمقراطي آخر الرحلة بأنها «أحسن ما فعلناه من أجل بلادنا» وأضاف في تصريح له «عندما ينتهي عيد الشكر آمل أن ينتهز الرئيس الوقت لتصحيح سياسته الفاشلة في العراق التي جعلت من جنودنا هدفاً في ميدان الرماية».
|