تفاعلا مع ما كتبه الأخ محمد بن راكد العنزي عن طريق العزيزة الجزيرة بتاريخ 26 رمضان تحت عنوان (تهاون الدوريات الأمنية يغري المفحطين بممارسة أفعالهم المشينة).. والواقع ان ما يحدث من هؤلاء الشباب هداهم الله من ممارسات خطيرة في قيادة السيارات ومنها التفحيط هو بالدرجة الأولى من مسؤولية أولياء الأمور. فهم يتحملون وزر ما يتسببون فيه من حوادث وتلفيات واصابات ووفيات أو اعاقات دائمة لانهم هم الذين أمنوا لهم هذه السيارات وسلموها لهم وتركوا لهم الحبل على الغارب وغفلوا عن كل ما يفعلونه اللهم إلا عندما يحدث مالا تحمد عقباه فإنهم يتحركون وبكل همة لتخليصهم بكل وسيلة ممكنة من عواقب أفعالهم حتى بات لدى الشباب قناعة بأن باستطاعتهم ان يفعلوا بهذه السيارات ما يحلو لهم وان آباءهم وأقاربهم سيتكاتفون لتخليصهم من كل ورطة بما في ذلك دفع ديات من يزهقونه من الارواح أو يتلفونه من الممتلكات. وقد خف العبء على أولياء الامور بعد وجود شركات التأمين التي صارت تتحمل تكاليف الحوادث وانحسر دور أولياء الأور في تخليص أبنائهم من التزامات المخالفات المرورية كقطع الاشارة أو التجمهر أو التفحيط أو معاكسة رجال الدوريات وغيرها من المخالفات التي تربو على العد والحصر من هؤلاء الشباب الذين يمارسون حماقاتهم وتهديدهم لأمن الناس وفي وضح النهار وأمام أنظار بعض المسؤولين والمشاهدين والمشجعين بل وأمام بعض أولياء أمورهم. ولاشك ان تعاون مسؤولي الدوريات الامنية كما أشار الاخ الكاتب دوره في تفاقم هذه الظاهرة ليس في مدينة بعينها ولكنها مشكلة تكثر الشكوى بشأنها في سائر المدن.
بل إن الجرأة بلغت بالبعض الى حد ممارسة التفحيط في أوقات الصلوات فجمعوا بذلك الى مساوئ التفحيط سوء المجاهرة بترك الصلاة وسوء ايذاء المصلين في مساجدهم والتشويش عليهم، ولا أدري حقيقة كيف نمنع البيع والشراء ونفرض اغلاق المحلات أثناء الصلاة في الوقت الذي نغض فيه الطرف عن التفحيط والمجاهرة بترك الصلاة وغيرها من الممارسات الأكثر مساسا بالمشاعر العامة وبالقيم والاخلاقيات الواجبة الاحترام، وأنا لا أنتقد اغلاق المحلات فهذا عين الصواب ولكنني انتقد التركيز على بعض السلبيات والمخالفات التي تعودنا التركيز عليها والتهاون مع ما يستجد من التجاوزات الى أن تصبح ظواهر يصعب السيطرة عليها ومنها التفحيط هذه العادة السيئة التي لا يعرف لها من سبب الا الجهل والسفاهة وضعف ولاية أولياء الأمور في تربية الابناء التربية السليمة.
وعندما نقول بوجود تهاون من قبل رجال الامن في محاربة هذه الظاهرة فإننا ينبغي أن نلتمس لهم العذر فهم ليسوا متهاونين بطبيعتهم بل إنهم يعانون من التفحيط والمفحطين أكثر من غيرهم لكن ضعف الصلاحيات المخولة لهم لا تمكنهم من التعامل مع هؤلاء الشباب بما يلزم من الحزم، كما ان إدارات المرور لا تطبق الأنظمة والجزاءات الرادعة على المخالفين بسبب تدخلات أولياء الامور الذين لا يريدون للاجراءات الرسمية ان تنفذ عليهم ولا على أقاربهم، وكم يشعر رجل الامن الذي يعمل في الميدان بالاحباط عندما يقوم بضبط أحد المخالفين ويسلمه الى إدارته بسبب ارتكابه لاحدى المخالفات كقطع الاشارة أو التفحيط أو التهور في القيادة أو غيرها من المخالفات التي تستوجب الغرامة والتوقيف وحجز السيارة ثم يفاجأ رجل الامن ربما بعد ساعة أو أقل بأن هذا الشاب قد تم اطلاق سراحه وعاد إلى الشارع سالما من كل جزاء، وإذا كان الناس في مجتمعنا جادين في محاربة هذه الظاهرة فلابد من التعاون مع رجال الامن بدلا من التعاون عليهم.
وليبدأ كل ولي أمر بالقيام بواجبه في اصلاح ما اعوج من سلوك ابنائه وخاصة في قيادة السيارة لخطورتها وأضرارها المتعدية الى الآخرين وايقاف الدعم من كل من يخالف من أبنائه ومن لم يستطع ان يقوم بنفسه بهذا الامر فليترك لإدارات المرور الفرصة في تأديب المخالفين دون تدخل أو شكوى أو وساطات خاصة فيما يتعلق بحجز السيارة وتوقيف المخالفين. هذا في تصوري هو السبيل للخروج من دوامة المخالفات المرورية والاستخدامات الجائرة للسيارة بكل ما تنطوي عليه من المآسي والخسائر اليومية في الأرواح والممتلكات.
محمد حزاب الغفيلي - محافظة الرس
|