الزيارة المفاجئة والوقائع الفاجعة

تزامن مع الوصول المفاجئ و«الدراماتيكي» للرئيس الأمريكي للعراق قيام قواته بقتل طفلتين عراقيتين كانتا تجمعان الحطب للوقود في بلد يُعَدُّ من كبار منتجي النفط..
غير أن المشكلة ليست في الاضطرار لإيقاد النار بالحطب بدلاً من النفط، بل في هذا الرصاص الذي ينطلق عشوائياً ليحصد الأبرياء وغير الأبرياء بينما يجري الحديث عن قيم إنسانية وأهداف نبيلة وأمنيات طيبة للعراق..
وفيما تضمنت كلمة الرئيس الأمريكي أمام جنوده معاني سامية عن الحرية والسلام ومحاربة الارهاب، وكلها قيم وأهداف يقول بوش إن قواته تسعى إلى ترسيخها من أجل بناء العراق، فإن الوقائع على الأرض تشير إلى قدر من الفوضى لا يتيح مجالاً لتأمل تلك المعاني السامية والكلمات المنتقاة بعناية والتعابير الرنانة.
وقبل مقتل الطفلتين قتلت القوات الأمريكية عراقياً عن «طريق الخطأ» في حادث هو السادس من نوعه خلال الشهر الأخير.. حيث لم يتم العثور في سيارة القتيل على أيِّ أسلحة أو متفجرات..وبينما يقول الأمريكيون إن قواتهم تسعى لتحرير العراق وبث تلك القيم الرفيعة التي أشرنا إليها، فمن الواضح أن جانباً كبيراً من المهمة ينصرف إلى كيفية حماية الجنود الأمريكيين لأنفسهم، فالقتل العشوائي يولد وبطريقة منتظمة أحقاداً عميقة من الصعب إزالتها وهي تترجم في شكل انتقام فوري..وهكذا فإن الجنود الأمريكيين يجدون أنهم يواجهون في نفس الوقت جنود وفلول النظام السابق إلى جانب المقاومة العراقية الحديثة التكوين ثم هؤلاء الذين ليس لهم همٌّ سوى الانتقام لمقتل صغيرة تجمع الحطب أو طفل يلهو ببراءة أو شاب يبحث عن قوت يومه..