Saturday 29th november,2003 11384العدد السبت 5 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في بهجة العيد في بهجة العيد
عبد الرحمن صالح العشماوي

بيني وبينكِ طاقاتُ الرَّياحينِ
وكوكبٌ في دُجَى ليلي يناجيني
ودوحةٌ نَبتتْ في رَوْضِ لهفتنا
أَغصانُها من لهيب القيظ تَحميني
وزهرةٌ رسم الفجرُ ابتسامتها
في مُقْلتيْ بسمةً خضراءَ تُرضيني
وبُلْبُلٌ حرَّكَتْ ألحانُه شَجَني
ما زال، في بُعدكم عنِّي، يُواسيني
بيني وبينكِ إِحساسٌ، يُصبِّحني
بلهفتي، وبأشواقي يُمسِّيني
ولهفةٌ لم تَزَلْ تَجْتازُ أَوْردتي
إلى مكامن حبِّي في الشَّرايينِ
وذكرياتٌ بناها الحبُّ سامقةً
لم تَتْرُكِ البُعْدَ والأيامَ تُنْسيني
بيني وبينَكِ مُزْنٌ أرسلتْ نَفَساً
من غيثها، ظلَّ بالأَحلام يُحْذِيني
كم مُزْنَةٍ عاودتْ رَوْضَ الحنين بما
يُزيلُ حَسْرَةَ وُجداني ويُشفيني
وكم زهورٍ سقاها الطَّلُّ مُمْسِيَةً
هزَّتْ - مع الصُّبح - أشواقَ البساتينِ
بيني وبينكِ نَبْعٌ، كلَّما ظَمِئَتْ
مراكبي، أَرسل الأنهارَ تَسقيني
نَبْعٌ أَراه إذا ما القيظ أَظْمَأني
يُجْري إِليَّ سواقي الحُبِّ تُرويني
أَعُبُّ من نَبْعكِ الصافي على عَطَشٍ
فأَرتوي منه رِيَّاً ليس يكفيني
أروى، وأَعْطَشُ في حينٍ فواعَجَبا
ممن يُحِسُّ بإِحساسينِ في حينِ
بيني وبينَكِ عيدٌ زفَّ فرحتَه
شَهْرُ الصيامِ، وأعلى قدرَه ديني
عيدٌ له بَهْجَةٌ في النفس تُطْرِبني
وما تزال إلى الأحبابِ تُدنيني
ما كُنْتِ نائيةً، بل كنتِ دانيةً
كزهرةٍ، عطرُها الفوَّاح يُسبيني
بيني وبينكِ عيدٌ ما التقيتُ به
إلاَّ وطَيْفُكِ في شوقٍ يُلاقيني
على بساطٍ من الأحلامِ يُجْلِسُني
وكلُّ ما تبصر العينانِ يُغريني
عيدٌ، أَعيش به حالَيْنِ، حالَ رِضَاً
وحالً حُزْنٍ بآلامِ المساكينِ
وأرتدي فيه ثَوْبَيْ فرحةٍ وأَسىً
مُطَرَّزَيْن بإحساس الملايينِ
لُقْيَا الأَحبَّةِ يومَ العيد تُسعدني
وحال إخوتنا في القدس تُشقيني
وجرحُنا الدَّافق الموَّارُ يُسْمِعُني
في قَلْب بغدادنا صوتَ البراكينِ
وإِخوةٌ تشهد الأَقفاصُ أَنَّهُمُ
كالطَّيْرِ حاصَرها سُمُّ الثعابينِ
من أين يصفو ليَ العيدُ السعيد على
ما أبتغيه، وسَهْمُ الحُزْنِ يَرْميني
وحسرةُ الأمِّ في ليلٍ بلا قَمَرٍ
لها على خافقي وَقْعُ السَّكاكينِ
وأَلْفُ خارطةٍ للظلم ترسُمها
على جدار المآسي كفُّ «شارونِ»
مليونُ طفلٍ بلا مَأْوَى ولا سَكَنٍ
وضِعْفُهم يشربون الماءَ بالطِّينِ
ومجلس الخوفِ مسكونٌ بغفلتهِ
ما بينَ تحريكِ قانونٍ وتَسْكينِ
صاغ القوانينَ للدنيا، وعلَّمنا
أقوى الوسائل في خَرْقِ القوانينِ
فكيف يسلم عيدي من لظى ألمٍ
في بهجة العيدِ بالآلامِ يَكويني؟
وكيف يسلَمُ عيدي من لهيب أَسَىً
بجمره نَزَواتُ العُنْفِ تُصْليني؟
حبيبة القلبِ لا تستنكري أَلَمي
في يوم عيدي، فهذا القَصْرُ يُبْكيني
ولا تَظُنِّي بأنَّ اليَأْسَ يَسْكُنني
فليْ يقينٌ بربِّ الكون، يحميني
تُريح قلبي ابتهالاتٌ أُوجِّهها
إلى الذي عن جميع الناس يُغنيني

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved