* الطائف - عليان آل سعدان:
مع تعاقب الأجيال وتقدم معطيات الحياة الحديثة تتجدد وتتطور أساليب الاحتفالية بالعيد السعيد بما يصاحبها من تحديث وابتكار على خطوط تفصيل الملابس وكذلك صنوف الأطعمة والحلويات، بل إن مراسم احياء حفلات وسهرات العيد نالها نصيب من التطوير مع الاحتفاظ بركائز الموروث الشعبي والعادات والتقاليد الأصيلة، والتمسك بأهداب الشريعة السمحة وعدم الخروج عن الإطار المتاح شرعاً وعدم المبالغة في حفلات السمر الجماعية البريئة.. خلال الأسطر التالية نلمس نوعاً من الفرق بين الاحتفاليات قديماً وحديثاً..
حب ووئام
في البداية تحدث عن العيد الشيخ جابر الشريف حيث قال: العيد في السابق اختلف كثيراً عن عيد هذه الأيام كان الفقر يطغى على الناس فنادراً ما ترى شخصاً يلبس ثياباً جديدة ولكن رغم هذا الفقر إلا أن الحياة كانت جميلة فبعد صلاة العيد كان أهل القرية وغالباً ما يكونون من جماعة واحدة يجتمعون في منزل الشيخ حيث نتناول طعام الفطور ثم نبدأ بتوزيع المهام على الأشخاص كل جماعة توكل إليها مهمة معينة كجمع الحطب وجلب الأغنام وذبحها وجماعة تقوم بالطبخ وهكذا.
وفي الليل نجتمع في منزل أحد الأشخاص ونستمع إلى القصص والشعر أو نقوم برقص احدى الرقصات الشعبية الخاصة بالمنطقة (المجرور) حتى آخر الليل وهكذا كل يوم وكان العيد في تلك الأيام يستمر من سبعة إلى عشرة أيام، ولكن الأهم من ذلك كله هو تقارب الناس والتفافهم حول بعضهم البعض فلا ترى القطيعة بين الأقارب كما هو حاصل هذه الأيام فقد كان الناس بسطاء كل همهم تحصيل أكل يومهم. لا يعرفون المشاكل والهجوم، أما اليوم ورغم أنا نعيش في نعمة نحسد عليها وأمن ليس كمثله في أي بلاد العالم وحكومة وقيادة حكيمة إلا أن الناس لا يشكرون الله ويحمدونه على هذه النعمة، حيث يأتي عيد ويذهب آخر الا أن الناس يزداد حقدهم على بعضهم ويزدادون بعداً، متناسين أن العيد هو موسم إذابة الخلافات وتقوية العلاقات بين الأهل والأقارب والأصدقاء والأحباب.
التفجيرات سلبت فرحتنا
وقالت فاطمة المنجومي كل ما أتذكر العيد أتذكر أمهات الضحايا الذين قتلوا نتيجة ما قام به أولئك الأرهابيون من تفجيرات في هذا البلد الآمن، كيف يهنأ لهم العيد وقد فقدوا أبناءهم وبناتهم والسبب تصرفات طائشة من قبل أناس لا ينتمون إلى هذا الدين، فكم من أم فقدت ابناً لها وكم من زوجة فقدت زوجها وكم من أب بكى دماً على أبنائه، فكما يعرف الجميع أن العيد لا يصبح له طعم إلا إذا اجتمع كل أفراد الأسرة تحت سقف واحد يجددون الحب ويتبادلون التهنئة، ولكن وبسبب ما قام به هؤلاء الإرهابيون من تفجيرات والتي تسببت في سلب فرحة العيد من العديد من الأسر التي فقدت أعزاء لهم كانوا يتمنون أن يكونون معهم في هذه الأيام يشاركوهم فرحة العيد، ولكن ليس بأيدينا شيء سوى أن ندعوا بالرحمة لأولئك الذين ذهبوا ضحية لأفكار متطرفة والأعمال الإجرامية، ورغم ما حدث فإن هذا البلد سيظل بإذن الله صامداً، وشعب هذا الوطن سيظل أيضاً ملتفاً حول قيادته الحكيمة ينعم بالأمن والاستقرار ويحتفل في كل عام بعيد الفطر المبارك.
زيارات وتهان
ويقول سليمان الحميدان قبل كل شيء أسأل الله أن يتقبل من الجميع الصيام والقيام، وأن يديم على هذا الوطن نعمة الأمن والاستقرار والتي حاول أن يزعزعها بعض الإرهابيين الجهلة.
وفي هذه الأيام التي يحتفل فيها المسلمون بعيد الفطر المبارك لا بد أن ندرك أن العيد هو موسم لصفاء القلوب وصلة الإرحام وهو مناسبة لتقوية العلاقات الهشة. وهو أيام فرحة المسلمين، ففيه تكثر الزيارات ما بين الأهل والأصحاب، فبعد صلاة العيد ينطلق الناس بكامل أناقتهم إلى منازهم مهنئين أهليهم ثم إلى أقربائهم يزفون إليهم التهنئة بهذه الأيام المباركة، ثم تبدأ مظاهر العيد فبدءاً من الأطفال الذين يبدأون يتجولون بين بيوت أهل والجيران لتجميع أكبر قدر ممكن من الحلوى والعيدية والتي غالباً ما تكون نقوداً، أما الكبار فيبدأون زياراتهم لأقربائهم ثم أصدقائهم. وفي العيد أيضاً يعود الحنين إلى الأكلات والرقصات الشعبية السابقة والتي قد يكون تناساها الناس.
فرصة للتسامح
أما عبدالله عباد الطويرقي فيتحدث عن العيد فيقول: في كل عيد أتذكر أيام طفولتي وكيف كنا ونحن صغار نفرح كثيراً بقدوم العيد لأننا سوف نلبس ملابسنا الجديدة وسوف نرى أقاربنا الذين لم نرهم منذ زمن بعيد،. وأيضاً أتذكر كيف أننا ونحن صغار كنا لا نفكر سوى في اللعب واللهو.
أما الآن وبعد أن كبرنا أصبحنا نستقبل العيد أيضاً بفرحة ولكنها للأسف ليست كفرحتنا به ونحن صغار وذلك بسبب كثرة انشغالات الناس وعدم سؤالهم عن بعضهم البعض وأيضاً لعدم إدراك جزء كبير من الناس للمعني الحقيقي للعيد وهو صلة الأقارب والأرحام ونسيان الخلافات والمشاكل العالقة فلو أدركت المعنى الحقيقي للعيد لذقنا حلاوته.. ولعرفنا أنه أجمل شيء في الدنيا، وأنه ربما يكون هو الوقت الوحيد الذي تجتمع فيه الأسرة كاملة والأصدقاء معظمهم. وأنه الفرصة الوحيدة لتجديد العلاقات ونبذ الخلافات.
العيد أحلى شيء
ولعل أشد الناس تعلقاً وحباً للعيد هم الأطفال فهذا أحمد ابراهيم يبلغ من العمر (9) سنوات عندما سألناه عن العيد أجاب ببراءة الأطفال: العيد أحلى شيء لأني ألبس ثيابي الجديدة وألبس شماغاً وعقالاً وآخذ عيدية من عند الناس.
ولما سألناه عن التفجيرات الأخيرة ورؤيته للأطفال المصابين أجاب أيضاً بعفوية: الناس اللي فجروا مجرمين، سفاحين، يا ويلهم من الله.. وراح يدخلون النار لأنهم قتلوا ناس أبرياء.
|