* مكة المكرمة - عمار الجبيري:
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس المسلمين بتقوى الله فهي اربح بضاعة والاستقامة على الاعمال الخيرية والطاعة الى ان تقوم الساعة.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي القاها أمس في المسجد الحرام: معاشر المسلمين من الامور المحكمات والقضايا المسلمات التي غنيت عن الدلائل والبينات كون الزمان سريع الانقضاء وشيك التحول والانتهاء شهره الغابر لا يؤوب وأمسه الدابر لا يعود وهذا الزمان ولا ريب ظرف لأعمالنا وترة من اعمارنا من استنبت فيه جلائل الأعمال والطاعات واستبذر فيه وافر الحسنات والقربات كانت حياته الدنيا كروضة فاحت بعبق الازاهير في أخراه يلقى المسرات والتباشير واما من اودع فيه الآثام والمعاصي كانت دنياه كصحراء قاحلة ماحلة حل بصاحبها غيث النبوة والهدى فلم يسعد ولم ينتفع وفي الآخرة لم يفلح ولم يرتفع ذلكم ايها المسلمون مثل لاشية فيه يضرب لقوم طائعين ثابتين جادين لمرضاة الله منبرين وبالهدى والاستقامة متبارين ذلك سدمهم وهجراهم على كل الاحوال في كل الاوقات لا ينقضون عهدا مع الله ابرموه ولا ينكثون امرا احكموه وقوما ازدلفوا في الله اياما معدودات وما ان بانت حتى خارت عزائمهم وانحلت لديهم حبي الطاعة وانضووا في زمرة اهل الغفلة والاضاعة.
واضاف يقول: ونقف بكم وقفة مذكر ملتاع مع الشهر الذي لا يمل حديثه ولا يخلق قديمه وحديثه ان شهر رمضان الذي غربت عنا شمسه وافل دوننا نجمه وقد عمرت ايامه ولياليه بالخيرات والصالحات بالصيام والقيام بالتلاوة والبر اما كنا بالامس القريب نتشوق للقائه ونتطلع لبهائه ونتمنى ان لو طال وما تصرم كطيف الخيال اللهم فتقبل ما اودعنا فيه من صالح العمل وكفر عنا ما كان فيه من زلل واغفر اللهم ما اجترحنا فيه من نقص او خلل.
وأوضح انه في هذه الايام المترعة بالسرور والبهجة تجنون غراسكم الطيب بما احل الله لكم من المباحات والطيبات وذلكم دليل على شرف ما كنتم فيه من شعيرة جليلة وركن ركين من اركان هذا الدين وفي هذا الاوان يتأكد علينا معاشر الاحبة في الله ان نضع الهناء موضع النقب في تصويب مسار كثير من الناس في علاقتهم ببارئهم في رمضان وبعد رمضان وتسديد فهوم كثيرة جنحت عن منهج السداد والتوفيق في الافادة من ازمنة البر والخير والقربى فمن ذلكم ما يجب استصحابه واستدامته من روح رمضان ومضامينه وآثاره ودلالاته المتوهجة الاصيلة كالصبر والاجتهاد والتراحم والتلاحم والتواصل وحال السلف بعده من محاسبة الذات ومجاهدة النفس والانتصار عليها الذي يفتح ارحب المجالات للانتصار على العدو واستدامة الانفاق والبذل في المجالات الخيرية وفتح آفاق العمل الخيري وتنسيقه لا تركه وتحجيمه مستمسكين به كثابت من ثوابت الدين لا تمسه المتغيرات ولا تحجمه المستجدات ولا يفت في عضد أهله مسعور الحملات ولا شديد الهجمات ومن ذلك ان يكون هذا الفراق للشهر الكريم ايذانا بالعودة الصادقة الى التسابق في ميادين العبادة والاستقامة اقتدانا بحال المصطفى صلى الله عليه وسلم ونقطة استئناف الاستجاشة مكنونات النفوس وطاقاتها وتحويلها من الغفلة والتناحر والاختلاف الى اليقظة والاتحاد والاتلاف واستنهاض القيم الزاكية والمثل العليا وتطويق الاجيال لاسيما الشباب بالاهتمام والتوجيه والاخذ بحججهم عن مهاوي الافكار المنحرفة والمذاهب الهدامة في وقت يحاول فيه الحسدة لأمننا خرقا ولأبوابنا طرقا.
واضاف يقول: ومن المفاهيم المنتكسة والاحوال المنعكسة لدى فئام من الناس ان رمضان شهر العبادة وهجر الموبقات فاذا تولى اندفعوا في الشهوات والمعاصي اندفاع الاعشى وهذا مما يدهش اللب ويشي برقة الدين وضعف الايمان والا فبأي كتاب ام بأية سنة يكون المسلم في رمضان متنسكا وفي شوال متهتكا أوليس رب الشهور واحدا وعلى الاعمال مطلعا مشاهدا واينا يضمن الرضى عن حالة وقبول اعماله وقد كان السلف الصالح رحمهم الله لقبول العمل اشد اهتماما منهم بالعمل.
وقال الشيخ السديس: أمة الاسلام ولتجدن اشد الناس حرمانا من الخير وبعدا عن مرضاة المولى جل وعلا من لم يرفعوا بالطاعة رأسا طيلة شهر كامل بل ربما سلخا من اعمارهم ولم يؤثر فيهم ركب المسلمين المقبلين على حياض الهداية وانهار الغفران في موسم لا يقدر بمال ولا يعوض بحال حتى غدت قلوبهم كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا الا ما اشرب من هواه غادرهم رمضان وهم ساهون وأظلهم العيد وهم بعد غافلون. ودعا امام وخطيب المسجد الحرام لهؤلاء السابرين الصادفين ان يتوبوا الى الله ويقلعوا عن ما هم فيه وان يندموا على ما فرطوا في جنب الله فالتوبة ليس دونها باب يوصد ولا عمل يرد ويؤد وهنأ المستقيمين على طاعة الله على صبرهم وقيامهم وتلاواتهم وما بذلوه خلال شهر رمضان المبارك حاثا لهم على الثبات على فعل الطاعات في الحياة حتى الممات.
كما حث أمة الاسلام الى الافاءة الى ميدان المحاسبة الجدية العملية سيما وهي تتجرع من كأس الضعف والهزائم كل صاب وعلقم والمآسي تسفع وجهها في كثير من اراضيها فحري بها ان تستعصم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في تفتح واع وفكر نير معتدل وبصيرة نافذة ونظرة صائبة متزنة في تقويم القضايا والمتغيرات والمراجعات الجادة في الفكر والمنهج دون تلكؤ او هوادة بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ويعلي راية الدين ويحرس القيم والفضيلة ويحفظ الامن والاستقرار حتى لا تخرق السفية في ترفع عن كل المغريات والمثبطات واقصاء لكل عوامل الانهزام النفسي والاحباط الداخلي مع استئصال لجذور المذاهب المنحرفة والافكار الضالة التي تنصلت من أصول الدين العاصمة للدماء والاموال والمقررة لحرمة المسلمين والمعاهدين والمستأمنين يقال هذا النفس كلمى والقلب يدمي غداة الاحداث الاجرامية الغاشمة والجرائم المريعة الآثمة التي ولغ فاعلوها في الدماء المعصومة والانفس البريئة المكلومة حيث تسللت الايادي الحرماء والمخالب السوداء تحت ستور الظلام فأمعنت تفجيرا وتدميرا في شهر القداسة وينبوع الرحمة وفي امن الديار وازهى الرياض عاصمة بلاد التوحيد وحاضرة بلاد الحرمين الشريفين غير عابئة بالمثل والقيم في الاستنكاف من قتل النساء والاطفال والشيوخ فضلا عن احكام الشريعة الغراء وأيم الله انهم مسؤولون عن كل قطرة دم اهرقوها وكل نفس ازهقوها وكل فتنة جروها على البلاد والعباد. واكد ان من اعتقد التفجير معبرا لحق وسلما لاصلاح او مركبا لدحر عدو فقد ساء فهمه وطاش سهمه ولا يقول بذلك عاقل ينتسب الى الدين داعيا الى التوبة الى الله والرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل.
|