* الرس حسين محمد الصيخان:
بين الشماغ السعودي والعمامة السودانية أكثر من صلة، فكلاهما يستعملان غطاء للرأس عند الشعبين الشقيقين، وكلاهما يزدهر الإقبال عليهما في المناسبات خصوصا الأعياد، فضلا عن أن كليهما يعتبران رمزاً للباس الوطني الذي تحرص الشعوب بمختلف ثقافاتها أن تتزين وتتميز به.
في هذه الجولة التي أجريناها في الرس سلطنا الضوء على الشماغ أولاً، ثم عرجنا إلى العمامة السودانية ومعها الثوب السوداني وخرجنا بهذه المحصلة:
الشماغ قديماً
علي بن صالح العقلان واحد ممن تخصصوا في مهنة بيع هذا الملبوس العربي. يحدثنا بأن له في هذا المجال ما يقارب ثمانية وعشرين عاما وهو يمارس هذه المهنة. وعن أنواع الشماغ يقول إنه كان قديما يأتي على شكل لفات كبيرة ويقطع ويباع وكان سعره في السابق ما بين 30 - 45 ريالاً فقط، وبصراحة كان الحصول على الشماغ قديما فيه كلفة ومشقة حيث كنا نتوجه إلى الرياض لشراء الشماغ من وكيل واحد بالإضافة إلى أننا لا نحصل على كميات كبيرة وكان الطلب عليه بكثرة لوجود وكيل واحد أضف إلى ذلك لون الشماغ كان يأتي بالأحمر واللون البرتقالي وصناعة إنجليزي وكذلك كان يوجد شماغ ياباني. وكان يأتي أيضاً باللون الأسود الذي يشبه الشمغ الفلسطينية أو الكردية.
أنواع الشماغ
أما من حيث أنواع الشماغ فهناك الشماغ الإنجليزي المتعارف عليه بجودته وهناك الشماغ الكوري والياباني. ومع تقدم السنوات ظهرت العديد من الشمغ والتي لا حصر لها لعديد من الشركات المحلية والعالمية حيث أصبح الشماغ اللون الأحمر هو السائد في السوق ومقاساته متنوعة وذات جودة مختلفة بحكم الشركة المصنعة.
وأقول بصراحة بسبب كثرة الشركات والمنافسات بينها وتنوع صناعته أصبح المستهلك متخوفاً من جودة هذه النوعية حيث أغلب «الزبائن» ينظر إلى الشكل الخارجي ولا ينظر لجودة الشماغ وصناعته.
وبحكم ممارستي في هذا المجال لسنوات طويلة أوجه رسالة إلى شركات التوزيع وأطلب منهم الثبات في الأسعار فإنك عندما تقوم بشراء كميات كبيرة من هذا الشماغ من إحدى الشركات تجد بعد فترة نزولاً كبيراً في سعره. ورفع السعر في الكمية الجديدة وهذا مما يسبب عدم مصداقية مع الزبون في عملية البيع علما أن الشركات تقوم بتعويضنا، لكن لن تعوضنا مصداقية الزبون لنا شخصياً واقناع الزبون.
الغتر
أما الغتر البيضاء فالطلب عليها ليس كمثل الشماغ الأحمر رغم قدمها ومعرفة الناس بها وهي تأتي صناعة سويسرية وكذلك صناعات أخرى.. وبهذه المناسبة يوجد الآن الشماغ الأبيض بخيوطه البيضاء، والغترة البيضاء يكثر عليها الكبار أكثر من الشباب من ناحية الشراء وموسم البيع لها في الزواجات دائماً يكون هناك إقبال عليها، بالإضافة إلى أيام الأعياد والمناسبات حيث تشهد رواجاً كبيراً وبهذه المناسبة كم سعدنا بوجود مصانع سعودية تصمم أشمغتنا وملبوساتنا!
العُقل والكوافي
هناك العديد والعديد من العُقل المتنوعة والمختلفة، والمتعارف عليه الوطني وهو الأكثر مبيعاً لدينا. وكان قديماً يأتينا من سوريا والآن أصبح محلياً وهي تأتي على مقاسات مختلفة وبأسعار مختلفة بحكم جودة الخيوط الخاصة بالعُقل. كذلك الكوافي فهي محلية وهذا شيء طيب ويكثر الإقبال دائماً على العقل أيام الأعياد. أما من حيث صناعة العقل فهي تأتينا من الرياض والكوافي تصنع أيضاً في مكة.
موقف طريف
من المواقف الطريفة خلال ممارستي للبيع في هذه المهنة يواصل العقلان: ذات مرة طلبت من أحد التجار قبل سنوات لمجموعة من العقال وعند وصول هذه المجموعة بكمية «كرتون» إلى المحل وفتحنا الكرتون فوجدنا أن هذه «العقل» أتت على ثلاثة ألوان وجميعها صناعة صينية، وأتذكر ذلك قبل تسع سنوات فهذا الموقف لن أنساه أبداً.
وفي محلات الملابس السودانية
هناك الكثير من أبناء الجالية السودانية المقيمين هنا في المملكة والذين يتميزون عن غيرهم من أبناء الدول العربية الأخرى وعن باقي المقيمين بالاهتمام الأكبر وبالحرص الشديد على تمسكهم بارتداء الزي التقليدي لهم في المناسبات وغيرها.
والتقت «الجزيرة» مع أحد أبناء الجالية السودانية والذي يعمل في مهنة خياطة الملابس السودانية منذ ما يقارب ثلاثين عاما وكذلك مع عدد من إخواننا السودانيين الذين قابلناهم داخل المحل، حيث جاء اللقاء كالتالي:
الاسم حسن محمد عبد رب الرسول من السودان مقيم في السعودية منذ ما يقارب من عشرين عاماً، أزاول هذه المهنة «خياطة الملابس السودانية» في المملكة هذه البلاد المباركة وكنت أعمل بنفس المهنة سابقا في بلادنا السودان.
أنواع الثياب السودانية
هناك العديد من الثياب السودانية المتنوعة والجيدة وكل له سعره بحكم القماش الذي يتم تفصيله فهناك مثلاً:
ثوب كرشليك حيث يتميز بأن له ثلاثة أزارير كما أنه يكون واسعاً من الكم ويأتي بجميع الألوان بالإضافة إلى أن له ثلاثة مخابئ أو أربع فقط أضف إلى أن هذا الثوب يتميز بأنه يلبس داخله «عرَّاقي» بنفس الثوب ولكنه قصير.
وهناك أنواع أخرى للجلبابة السودانية وتسمى «أنصارية» وتمتاز بأنها تلبس على جميع الاتجاهات - خلف - وأمام - وتمتاز أيضاً بستة مخابئ بدون أزارير وتلبس دائماً في جميع المناسبات مثل صلاة الجمعة، كما أن كُم هذه الجلبابة يتراوح اتساعه من 40سم، 35سم، 30سم، أضف إلى ذلك أن التدويرة تكون على شكل رأس حربة.
الصنف الثالث من الثياب السودانية «ثوب قمر بوبا» حيث يتميز بأن له ثلاثة مخابئ ولكن تكون التدويرة فيه عادية ويلبس في المناسبات والأعياد وغيرها.
العمامة
أما العمامة ذات اللون الأبيض الناصع والتي يتميز في لبسها الكثير من السودانيين وخاصة في صلاة الجمعة والأعياد فيقول عبد رب الرسول عنها إن صناعتها - توتل - والآن هناك عمامة تسمى «كنيبو» حيث يبلغ طولها 5 ،4 أمتار وهذا عادي وهناك من يلبس عمامة طولها خمسة أمتار أضف إلى أنه لا بد من لبس الطاقية معها.
وهذه العمامة تأتي على شكل «طاقية» ونقوم بقصها على حسب الطلب.
الشال
وهناك صنف آخر من الملبوسات السودانية وهو ما يسمى بالشال - وهو دائماً يأتي على طول مترين وربع المتر أو يأتي على طول مترين ويأتي على شكل طول أما من حيث الأسعار ففيه الغالي وفيه الرخيص بحسب جودة القماش وهو يلبس دائماً مع جميع الثياب.
مناسبات الأعياد رواج لهذه الملابس
وعن الطلب على هذه الملابس يقول عبد رب الرسول بصراحة يكون الإقبال جيداً في التفصيل لجميع أنواع الثياب في أوقات الأعياد والإجازات الصيفية ونحن دائماً نرضى بالرزق المقسوم لنا في هذه الحياة سواء أكان كثيراً أم قليلاً.
العمامة رمز للتراث السوداني
وخلال الجولة التقينا داخل هذا المحل المتخصص في خياطة الملابس السودانية مع أحد المقيمين السودانيين والذي أمضى ما يقارب من تسعة عشر عاماً في بلده الثاني «السعودية» حيث قال: في الواقع أنا فخور جداً بأنني أرتدي زينا الوطني ونحن متمسكون به وخاصة في المناسبات الهامة والمناسبات السعيدة علينا.
وكما أنه يميزنا عن غيرنا ونحرص على ارتدائه دائماً وخاصة يوم الجمعة والزيارة للأصدقاء فلا بد من لبسه في هذه المناسبات.
فخور بلباس بلدي
وخلال الجولة التقينا أيضاً علي إبراهيم نايل من السودان الشقيق وتحدث قائلاً: كما تشاهد نبحث لشراء القماش الجيد لأنها مناسبة غالية علينا جميعاً. علماً أنني لم ألبس «البدلة» نهائياً ومتقيد بلباس الزي السوداني فقط هذا الشعار الذي نتميز به عن غيرنا ويكون لباسنا دائماً العمامة بالإضافة إلى أنه في بلدنا السودان هناك قبائل مثل الشكرية والبطاحين لا بد من لبس العمامة باستمرار لديهم.
أيضاً تحدث لنا الشاب السوداني - محمد دفع الله إبراهيم قائلاً: لباسنا نتميز به عن غيرنا هذا اللباس الأبيض والعمامة البيضاء ونحتفظ به دائماً إن شاء الله ولا نغيره بالإضافة إلى تمسكنا بلبس - الجلابية - السودانية فهي رمز للتراث والأصالة السودانية.
|