Friday 28th november,2003 11383العدد الجمعة 4 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

20-12-1390هـ الموافق 6-2- 1971م العدد 330 20-12-1390هـ الموافق 6-2- 1971م العدد 330
مع الزمن
الفراسة في قوى الأمن الداخلي!
بقلم: محمد الرجيعي

الشيخ عبدالعزيز المسند رجل يعرفه من يعرفه فيجله ويحترمه ويهتدي بهديه، ولا ينكره من لا يعرفه فيتخذه نبراسا واستاذا، ومعلما، وفي الحق ان الاستاذ المسند استاذ جيل وصاحب مبدأ ورأي يعتز برأيه ويفخر بعقيدته ثم هو عربي المربى والمنشأ متأصل في عروبته يرى فيها الكرم والشهادة والعزة والكبرياء جميعا ويراها هي في دمه وفي مجرى عروقه وفي خواطره، وفي أفكاره جميعا..
ودُعي الاستاذ عبدالعزيز كما هي عادته دائماً في المحافل الثقافية والدينية العامة لالقاء محاضرة في كلية قوى الأمن الداخلي.. وبين رجال الأمن وطلابه فكان على سننه دائماً يختار الأوفق.. وكان أيضاً كما يقول هو «فكرت في موضوع يناسب المقام ويؤدي الغرض المنشود من المحاضرات الثقافية ويخرج منه المستمعون بفائدة، فاخترت موضوع الفراسة».
وهكذا ينشر الشيخ المسند كنانة الرأي ويعجم عيدانها فيختار الأوفق فالأوفق المناسب المفيد لا يتعثر ولا يتردد ولا يحجم..
وفي أول المحاضرة ينشر الشيخ رأيه بوضوح فيقول: «لايشك انسان في أهمية رجل الأمن الذي يحقق في الحوادث ويطلع على الأمور قبل غيره.. وما دام كذلك فلابد ان يكون مؤمناً وأميناً نزيهاً، مترفعا عن الدنايا، زاهداً فيما في أيدي الناس، مخلصاً في عمله، حريصاً على أداء واجبه.
وهذه صفات مهمة لمن يضطلع بمهمة التحقيق لأنه سيطلع على أسرار الناس وأحوالهم الداخلية، وسيشاهد قطعاً ما لا يتيسر ولا يباح لغيره ان يراه أو يعلم عنه.
وهذه الميزة تفرضها طبيعة عمله، فإذا لم يكن متصفاً بهذه الصفات لم يبح له الاطلاع على الأسرار، ولم يكن أهلا للقيام بهذه المهمة النبيلة».
ثم قال: «فالفراسة جزء مهم من عمله، عليه مدار نجاحه واخفاقه..»
وهكذا يختار الشيخ محاضرته اختيارا لايعدو المنفعة ولا يعدو الأهمية.. في موضوع هو من صميم عمل رجل الأمن الداخلي ومن أعماق واجباته... وعليه يبني كل ما يأخذ ويعطي في حياته العملية، بينه وبين ربه، وبينه وبين رؤسائه ومعاونيه، وبينه وبين أفراد الشعب.. ليضع كل أمر في موضعه ويجعل كل شأن في نصابه.
ولم يجر الشيخ في سرد موضوعه إلا على عقيدته هو.. الإيمان والإسلام، وتحري الصدق وتلمس الحق.. ولم يحاول الشيخ أن يخرج عن مبدئه هو.. العروبة والشهامة والكرامة والاعتزاز بالوطن الحبيب.. ولم يرد الشيخ ان يكون واحداً ممن تأخذهم المدنية البراقة الزائفة فينسى تاريخه هو.. بل استمسك بالعروة الوثقى كدأبه ابداً بتاريخه وبعروبته- فأخذ يسرد الأمثال ويقص القصص عن فراهة العرب وذكائهم وقوة تفكيرهم وسرعة بداهتهم وعمق خواطرهم.. ثم بدأ بالسادة كابرا عن كابر.
فبعد ان تحدث الأحاديث الشيقة الطلية عن فراهة بعض الأنبياء عليهم السلام وعن دقة ملاحظاتهم وفراستهم، عرض قصة «نزار وأبنائه» وتحدث باعتزاز عما كان منهم من ملاحظات واستنتاجات لا تخطر ببال أحد إلا أن يكون ذكيا متقد الذكاء، عاقلا قوي العقل متيقظا شديد اليقظة صقلته الخبرة وحنكته التجارب..
وهي قصة واقعية حقيقية، ولكنها في الحق أغرب من الخيال وهي أيضا عربية محضة في عروبتها..
ثم تكلم شيخنا المربي عن فراسة عمر بن الخطاب، وعن فراسة علي بن أبي طالب، وعن فراسة شريح القاضي واياس بن معاوية، ثم عن فراسة أبي حازم القاضي وعن فراسة المغيرة بن شعبة، وعن فراسة عمرو بن العاص وغيرهم..
تكلم عن فراسة هؤلاء وهؤلاء فاسهب وأطنب وأصاب كبد الحقيقة.. ولكنه نسي شيئاً واحداً.. نسي ان يتكلم عن فراسته هو.. فراسة الرجل المؤمن الأمين المترفع... فراسة الرجل الذي خيّر فاختار فأصاب ووفق وأجاد.. اختار الموضوع الأصيل.. في مكانه وبين أهله وذويه.. اختار «الفراسة» ولكننا نحن لن ننسى ان نتحدث عن فراسة الشيخ «المسند» وأي دليل أكبر من ان يختار هو موضوع الفراسة لتكون محاضرة قيمة ذات بال وذات شأن.. تلقى في كلية قوى الأمن الداخلي، بين رجال الأمن وطلابه.. وهم أحوج ما يكونون إلى هذا الموضوع الدقيق وإلى ما يشتمل عليه من بحث ومن تقصي..
ولا يسعنا في آخر هذه العجالة إلا أن نشكر الشيخ على هذا البحث الدقيق القيم وعلى فراسته.. فراسته هذه..

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved