لم أكن أتوقع أن أرى حرفاً من حروف النفي في اللغة العربية عنواناًَ لقصيدة شعرية رائعة حتى رأيت على صفحات جريدتنا الجزيرة قصيدة شاعرنا الكبير عبدالرحمن العشماوي التي تحمل عنوان «كَلاّ»، أداة نفي واضحة في لغة العرب ليست من الشعر في شيء حوّلتها شاعرية العشماوي الفذّة إلى كلمة شعرية مؤثرة في قصيدة سارت بها الركبان ونشرتها بعد الجزيرة معظم الصحف وعرضها التلفزيون السعودي بإلقاء الشاعر العشماوي الرائع.
هكذا يكون الشعراء الكبار ينفثون روح الشعر والابداع في كلماتهم فتصبح الكلمة الواهنة كلمة عظيمة مؤثرة مثيرة.
«كلا» خرجت من زاوية أدوات النفي في اللغة إلى آفاق الشعر ومساحاته الكبيرة على يد شاعر أثرى ولايزال يثري ساحة الشعر الرائع في العصر الحديث بأروع الإنتاج الشعري الكبير.
كلا تقول بريئة النظرات كلاّ
يا من تلبَّس بالهوى يا من تولَّى
|
هكذا تبدأ القصيدة التي عبرت عن شاعرنا جميعاً تجاه الحدث السيّء الذي جرى في عاصمتنا الحبيبة الرياض، عاصمة بلاد الخير والوفاء.
كلا تقول صغيرة بترت يداها
وتقولها الأشلاء كلا ثم كلا
|
هنا تصبح كلا مفتاح الإبداع الشعري في قصيدة العشماوي، وتصبح مكان التأثير فينا نحن المحبين للشعر البديع، وإن كلمة «كلا» تدل على صدق مشاعر شاعرنا الكبير فهي الكلمة التي قلناها جميعاً حينما وقع حادث التفجير الآثم في مجمع سكن المحيا بمدينة الرياض، نعم قالت قلوبنا كلا، وحينما اصطادها لنا شاعر مبدع يعيش مع الأمة والوطن في كل حالاتها، وأنشدها لنا في قصيدة رائعة تفاعلنا جميعاً معها، وأحسسنا أن الشاعر عبر عنا تعبيراً صادقاً .
ولقد رأيت تعليقات كثيرة في أكثر من موقع على الإنترنت على القصيدة نتفق على روعتها وعلى أنها عبرت عن مشاعر الجميع.
كما سمعت ومازلت أسمع في المجالس إشادة كبيرة بهذه القصيدة وشكراً متواصلاً لجريدة الجزيرة المبدعة التي تتحفنا بإنتاج شعري عشماوي متواصل.
كلا سمعت الشيح أرسلها نداءً
وسمعت ريحاناً يرددها وفُلاّ
|
ما أروع الشعر حينما يكون صادقاً، هكذا يقول لنا العشماوي (ان الشيح والريحان والفل والنخل والأغصان وشهر الصيام والرحمات وتلاوة القرآن وصوت المؤذن كلها تقول لنا كلا ثم كلا، وترددها معنا.
إبداع شعري يسعدنا دائماً، وخلاصة الأمر:
وأحس أن الأرض حين رأته صاحت
كلا وحسبك أن تقول الأرض كلا
|
هنا نطير مع الشعر في الأفاق الجميلة ونقول صح لسانك يا عبدالرحمن وشكرا شكراً ياجريدة الجزيرة ودعاء صادقاً أن يحفظ الله بلاد الحرمين من كل سوء.
ونقول مع العشماوي:
كلا لتهديم البيوت على نساء
وعلى رضيع في لفافته استهلاّ
|
عبدالرحيم اليونس/الرياض
|