كثيرون اعتبروا القراءة نوعاً من الاستهلاك الابداعي، باعتبار ان المبدعين منتجون، فالقراء اذن مستهلكون، وعلى هذا المنوال يكون الاولون فاعلين والاخرون منفعلين، وبهذا المنطلق الشكلي يمكن ان نصل بالقارئ الى درجة من السلبية يكون فيها منتظرا انتاج المبدع الكاتب ليس فقط ليتأثر به بل ليتشكل به، الان ومع التقدم المذهل الذي تحقق في مختلف المجالات العلمية والتقنية والفنية والادبية، طرحت وعلى مستويات مختلفة ايضاً تنظيرات ونظريات للقراء والتلقي، كثير منها يجعل من القارئ جزاءاً تكوينياً اساسياً في العملية الابداعية، ومن دونه لاتكتمل دائرتها ابداً، اذ ما هي قيمة عمل شعري او روائى او قصصي كتبه الشاعر او الروائى او القاص ولم يقرأه احد قط.. من هنا يطرح بعض النقاد والكتاب ما معناه ان القارئ هو الذي يهب النص الابداعي حياته ووجوده، حتى على مستوى التأثير والتشكيل يمكن ان تتلمس ما يتركه القراء من اثر في نفس واسلوب ومواضيع الكاتب «اليس الناقد قارئا» ثم ان الكاتب مهما ادعى يكتب وفي ذهنه قارئ ما يتحول الى قارئ بعينه، وبذا يكون القارئ مشاركاً مرتين مع الكاتب مرة في تركيب العمل وانتاج اجزائه والاخرى في نفخ الروح فيه واخراجه للحياة من خلال القراءة.
والكتابة ايضاً مغامرة فردية والنشر مغامرة، وربما مؤامرة جماعية فلماذا نملأ الدنيا ضجيجاً عن ازمة الشعر وازمة القصة والرواية وهي مجهودات، بل اجتهادات فردية يصعب التخطيط لها ولماذا لانتحدث عن النشر وهي العملية الجماعية التي لا بد من التخطيط لها على مستوى الجماعات واجهزة الدولة.
|