لاشك ان الدور الانساني في المجتمع السعودي دور مميز ومتأصل لأن القيم والمبادئ الانسانية لاتنمو فجأة وانما هي جذور واصول وتراكمات والتكافل، والتعاطف والتراحم خصال حصاد لتربية طويلة الامد ظهرت نتائجها على شرائح المجتمع السعودي، وهي في الاصل امتداد لجيل متصل بالله بنى معاملاته وتعاملاته من خلال العقيدة الصحيحة ومبدأ الاخوة الاسلامية التي ارسى دعائمها ديننا الحنيف من خلال كتاب الله وسنة النبي المصطفى «عليه افضل الصلاة وازكى التسليم» وعلى ذلك فان الممارسات الانسانية التي يتلقاها الفقير وصاحب الحاجة من اخيه الغني وصاحب الجاه تتسم بالاخلاق الفاضلة والشعور بروح التكافؤ والتعاون ولكي نكون منصفين فان توجه ولاة الامر في هذه البلاد المباركة ومؤازرتهم لهذا التوجه النبيل امر دأبوا عليه منذ تأسيس هذه الدولة الرشيدة، وهو دور متأصل تمليه عليهم العقيدة الاسلامية والدور التاريخي والرائد للمملكة العربية السعودية فمد يد العون للآخرين مسلك محمود ومتأصل وذو آثار ايجابية على مسيرة المجتمع السعودي واذا تناولنا توجه الموسرين والمحسنين لهذا المسلك الرشيد، فإن هناك علامات ودلائل تبشر بتعزيز التكافل الاجتماعي بين المسلمين واشاعة روح التآلف حيث استشعر ذلك ارباب الثراء والمحسنون فقاموا بواجب الرعاية تجاه اخوانهم وعلى كافة المستويات سواء من خلال الجمعيات الخيرية او من خلال الدعم الفردي لمن تحملوا الحمالات واستحقوا المساعدة ومن قصرت بهم آمالهم من بلوغ مقاصدهم وخصوصا لحظات الشدة واوقات الكوارث والملمات.
ومن هذا المنطلق فإنني احث اخواني المسلمين على استمرار البذل والعطاء ومد يد العون لاهل الكربة والحاجة وتوسيع دائرة التكافل والتعاون لأهل العفة من الفقراء والمساكين الذين يمنعهم الحياء {يّحًسّبٍهٍمٍ الجّاهٌلٍ أّغًنٌيّاءّ مٌنّ التَّعّفٍَفٌ...} واحياناً عدم معرفة بواطن امورهم فهذا اللون من النشاط الخيري له صفة الخصوصية التي لها اجر عظيم عند الله لأن هؤلاء في ظني لم تدرج اسماؤهم ضمن القوائم التي لدى الجمعيات ولم يتمكن الباحثون في تلك الجمعيات من الوصول اليهم لعفتهم مما يتطلب جهداً مميزاً من اهل الخير مما يستلزم تتبع هذا الصنف من الناس واخص بذلك الاقارب والجيران ومن تأثروا بذهاب اموالهم لاسباب متعددة ومحاولة مساعدتهم بطرق تضمن لهم رفع المعاناة والتوسيع عليهم وخصوصا في مناسبات الخير ومواسم المغفرة ومضاعفة الحسنات.
ان علينا ان نستشعر النعمة العظيمة التي انعم الله بها على اهل هذه البلاد المباركة وان يؤدي الموسرون ما عليهم من حقوق تجاه اخوانهم الضعفة والمحتاجين واصحاب الضوائق متخذين من المرتكزات الدينية منطلقا لمبدأ الاخوة الاسلامية الذي بلغ ذروته في مجتمعنا السعودي، وخير شاهد على ذلك انتشار تلك الجمعيات الخيرية وتخطي نشاطها الى خارج الحدود وفق اطروتعليمات محددة تضمن العمل في دائرة العمل الخيري، وفي الختام اشير الى ان العبد الموفق هو الذي يجعل الله قضاء حوائج الناس على يديه، وقد جاء في الاثر ان خير الناس انفعهم للناس ومن يسر الله له سبل عمل الخير وسخره لقضاء حوائج الناس والاحاديث الدالة على بذل الخير كثيرة ومتعددة ويبقى هناك امر واحد وهو مواصلة الدعم والعطاء وفق معايير ثابتة لاتقبل الشح ولا الاسراف، والتوسط في ذلك امر مطلوب ومحمود والهدف الاسمى هو مساعدة أهل الحاجة ورفع ذل المسألة عنهم تحقيقاً لكافة خصال الخير في مجال الاحسان وشعوراً بأهمية الواجب وانتظاراً لثواب الله الذي وعد الله به المحسنين.
* المدير العام لفرع وزارة الشؤون الاسلامية بمنطقة القصيم
|