تكتسب تحركات السلام في أي مكان جانباً من قوتها حينما يتم إشهارها على الملأ، وذلك هو الحال في أي تعاقد بين طرفين، فهو يقوى ويترسخ بشهادة الآخرين وبحضورهم وبسهرهم على تنفيذ بنوده.
فيما يتصل بالقضية الفلسطينية، فإن إسرائيل تحاول دائماً إسقاط الوجود الدولي في إطار التسويات مع الفلسطينيين، وهي أشد ما تتجنب هذه القرارات المتتالية التي خرجت من أعلى سلطة دولية المتمثلة في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.
والواقعة الأخيرة في هذا الصدد رفض إسرائيل أن تتحول خريطة الطريق من مجرد خطة صغيرة تشرف عليها أربعة أطراف إلى حيز دولي أكبر من خلال تبني مجلس الأمن لها وذلك بمبادرة روسية، ولإفشال هذا التطور للخطة انتقل رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى روسيا لكنه فشل في إثناء رئيسها عن سحب مشروع قراره حول خريطة الطريق.
الحضور الدولي الكبير أو المؤثر في اتفاقيات التسوية يقلق إسرائيل بسبب دعمه لإلزامية الاتفاقيات وضرورة تنفيذها، وحيث إن أي تسوية عادلة تفترض إزالة المستوطنات وإزالة السور العازل وإعادة القدس إلى الوضع الطبيعي والإقرار بحق أكثر من أربعة ملايين لاجئ في العودة، فإن كل هذه البنود لا تتفق والعقلية التوسعية الاسرائيلية التي اعتادت على تمرير المخططات في غياب معارضة دولية قوية ولكن في وجود صديق هو القوة العظمى الوحيدة في العالم.
ولهذا فإن إسرائيل قاتلت من أجل عدم ظهور رعاة آخرين لخريطة الطريق غير الولايات المتحدة، لأنها في ظل هذه الرعاية تحقق ما ترنو إليه كما تستطيع التملص من أي التزام دولي دون أن تتضرر مع وجود هذه المظلة الأمريكية.
|