* عمان - الجزيرة - خاص:
أكد البنك الدولي على ان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بما فيها الأردن معرضة لمخاطر تفشي مرض نقص المناعة المكتسبة «الايدز» اكثر من أي وقت مضى والذي قد يكبد دول المنطقة بأكملها خسائر اقتصادية واجتماعية مضاعفة ضخمة تقدر بثلث اجمالي الناتج المحلي تقريبا بحلول عام 2025 أي ما يعادل فقدان 35% ما لم يتم اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة ضد ذلك الوباء وتبني اجراءات وسياسات عملية والاستثمار المبكر في مجالي الرصد والوقاية وتطوير مسوحات معدلات الاصابة على الرغم من تدني مستويات العدوى في بلدان المنطقة وبلوغ نسبة المصابين بحوالي 3 ،0% فقط مقارنة بمناطق افريقيا وجنوب آسيا والبحر الكاريبي.
وأوضح البنك الدولي ضمن تقريره الجديد الصادر مؤخرا تحت عنوان «فيروس نقص المناعة المكتسبة/ الايدز في الشرق الأوسط وشمال افريقيا.. عواقب التراخي» ان عدد حالات الاصابة الاجمالية المثبتة بوباء الايدز في الأردن وصلت إلى 98 حالة منذ ظهور المرض مطلع عقد الثمانينات الماضي وحتى عام 2001 أي ما يعادل ما نسبته 9 ،1 أشخاص مصابين لكل 100 ألف نسمة في المملكة. وظهرت اول حالة اصابة اردنية بالايدز في عام 1986، وقد سجل عام 2000 أكبر عدد اصابات بالايدز في الأردن حيث وصل إلى 14 حالة مصابة، وفي عام 2001 بلغ عدد عدد المصابين الاجمالي بالمملكة 10 حالات اصابة مما يدل على وجود احتمالية كبيرة من تزايد مخاوف انتشار فيروس الايدز بصورة كبيرة الامر الذي من شأنه الحاق الاذى بالمجتمع المحلي وحدوث تدهور اقتصادي لا تحمد عقباه وترهل الانتاجية وانعدام الاستثمارات وشح رؤوس الاموال والموارد المالية وتقلص حجم قوى العمل المحلية في ظل ارتفاع نسبة الوفيات بين فئة الشباب والبالغين وتآكل خزينة الدولة. وتوقع البنك الدولي تقلص متوسط معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي بواقع 2 ،0% -5 ،1% سنويا خلال الفترة 2002-2025 ما لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة.
واشار البنك الدولي إلى ان المملكة لم تقدم على اجراء دراسات مسحية بصورة منتظمة على المجموعات المعرضة لمخاطر الاصابة بالايدز بدرجات مرتفعة كمتعاطي المخدرات عن طريق الحقن في الوريد وتجار الجنس وشبكات الدعارة والمهاجرين إلى الخارج بالرغم من الاهمية البالغة لمثل تلك الدراسات والبحوث في الحصول على معلومات صريحة عن نمط انتشار الوباء.
كما بين البنك الدولي ان ارقام واحصائيات المملكة المثبتة المتعلقة بأعداد الاصابات بذلك الوباء ليس بالضرورة ان تكون حقيقية أو صحيحة 100%، أي ان «المخفي اعظم»، فمن الممكن جدا ان تكون الارقام المعلنة حول انتشار الوباء اقل بكثير من تلك الحقيقية أو المخفية والتي قد تكون مسجلة ضمن ما يدعى ب «الملفات السرية» الخطيرة، وذلك يعود كله كما افاد البنك الدولي إلى جملة عوامل ابرزها رداءة مسح معدلات الاصابة في القطاع الصحي خاصة من قبل وزارة الصحة وانعدام الشفافية بالافصاح وضعف البيانات الخاصة بسلوكيات المجتمع المحلي والثقة المفرطة في النمط الثقافي والاجتماعي المحافظ الامر الذي ادى إلى استمرار الاعتقاد بانخفاض معدل الخطورة وتجاهل العواقب الاقتصادية والاجتماعية التي قد تنجم عن انتشار الوباء وتقليص الاهتمام ضمن اوليات برامج التنمية الوطنية، مما خلق مستويات وقاية وحماية غير كافية ضد مرضى الايدز والتباطؤ في اعداد سياسة أو خطة وطنية متكاملة للتعامل مع الوباء، كما أكد البنك الدولي على ان من العوامل الرئيسية التي من شأنها رفع اعداد المصابين بالايدز في المملكة مستقبلا الاردنيين العاملين في الخارج أو المهاجرين بصورة خاصة في الدول الاجنبية والخليجية إلى جانب التسهيلات المتتالية التي تقدمها الحكومة امام السياح والزوار الاجانب لتشجيع الحركة السياحية باتجاه الاردن كوجهة سياحية جاذبة اضافة إلى شح الموارد المالية ورزوح الموازنة الحكومية تحت ضغط شديد.
ويتفشى مرض الايدز بصورة اكثر تفاقما من خلال الهجرات والحروب والازمات الاقتصادية والممارسات الجنسية الخاطئة والتطورات الاخرى التي تؤثر على الاستقرار الاجتماعي والنشاط الاقتصادي وزيادة النفقات الصحية بصورة متناقصة.
ومن العواقب الوخيمة الناجمة عن انتشار الايدز ارتفاع معدلات الانفاق السنوية على معالجة حالات الاصابة بعد فوات الأوان مما يخلق عبئا اضافيا على موارد الدولة إلى جانب المعاناة البشرية وسرعة التعرض لتدهور اقتصادي ناهيك عن الشعور بالذنب والخطيئة وتفشي حالة اليأس بين افراد المجتمع.
وقد حذر تقرير البنك الدولي من ان معدل الانتشار المنخفض في الشرق الاوسط التي تضم الأردن لا يعني بالضرورة تضاؤل مستوى الخطورة، واكبر دليل على ذلك كما افاد التقرير ارقام العام الماضي 2002، حيث تعرضت قرابة 83 ألف حالة جديدة للاصابة بفيروس الايدز في المنطقة اضافة إلى ارتفاع معدل الوفيات نتيجة الاصابة بمرض الايدز وبواقع زهاء ستة اضعاف منذ مطلع عقد التسعينات الفائت.
ودعا التقرير بلدان المنطقة بما فيها الأردن إلى اتباع استراتيجيات عملية كفؤة وضرورة الالتزام السياسي بالاستثمار في برامج الوقاية والتوعية بمخاطر ذلك الوباء وتحديث خدمات الرعاية الصحية وتكثيف الجهود لتوفير عناصر الشفافية والافصاح في الاعلان عن ارقام حالات الاصابة الحقيقية وتشديد الرقابة وعوامل الحماية وتطوير البرامج التنموية المتعلقة بالقطاع الصحي وسياسات الوقاية الصحية وتقليل اعداد المهاجرين والعاملين خارج البلد المعرضين للاصابة ووضع خطط استراتيجية ضمن الامكانات والموارد المالية المتاحة وعدم نبذ المصابين عن المجتمع المحلي وتشجيع المشاركة والتعامل معهم والحد من الفكرة السائدة حول المصابين وخفض معدلات التمييز.
وعربيا تتصدر جيبوتي قائمة الدول العربية ومنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ككل كأكثر البلدان اعدادا بمصابي الايدز، اذ بلغ عدد المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة قرابة 339 مصابا لكل 100 ألف نسمة.
وجاءت معظم الدول الخليجية مثل سلطنة عمان وقطر والبحرين والكويت بعد جيبوتي من حيث اعداد المصابين تليها كل من تونس والمغرب والسودان، وعلى المستوى العالمي فقد وصل عدد الذين يعيشون بفيروس الايدز بنهاية العام الماضي إلى 42 مليون شخص إلى جانب ظهور 5 ملايين حالة اصابة جديدة خلال العام المذكور.
|