Thursday 27th november,200311382العددالخميس 3 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مراجعات الشيخين الخضير والفهد مراجعات الشيخين الخضير والفهد
د.عبدالوهاب بن ناصر الطريري

بعد أن رأينا المراجعات التي بثها التلفزيون السعودي مع الشيخ علي الخضير والشيخ ناصر الفهد في مقابلتين مطولتين، ومن خلال حوار واضح صريح فإنه لابد من التأكيد على ما ينبغي لنا تجاه ذلك بحيث تصبح هذه المقابلات دروساً مهمة ومؤثرة في أكثر من اتجاه.
* وهذه شجاعة في الرجوع إلى الحق وقوة في إعلانه تقابل بالاحترام وتذكر بالثناء.
ولابد ان يكون هذا هو الشأن مع كل مراجعة للمواقف ورجوع إلى الحق وان يتعامل معها بالأسلوب النبوي الكريم (الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها) فيقابل الراجع للحق بالحفاوة التي تمد بصره إلى الأمام ولا يلفت إلى الوراء للتذكير بالماضي واللوم والتقريع على ما سبقت التوبة منه والتراجع عنه، فضلاً عن الشماتة والتشفي؛ فإن ذلك يحول التوبة إلى كابوس يهابه المخطئون، ويجعل طريق التوبة مردوماً بالحواجز والأسلاك الشائكة ويشل إرادة المراجعة والتصحيح، فنبني أمامهم جسراً ليعبروا عليه ولا نبني خلفهم حائطاً فيرتدوا منه.
وكما نحيي هذه المبادرة من المشايخ -وفقهم الله- فإننا نحيي التناول الرشيد لهذه القضية من الاخوة الإعلاميين والذين تعاملوا معها بمسؤولية وأخلاقية كريمة بعيداً عما يطفئ اثر هذه المبادرة ويعيق استثمارها الإيجابي.
2- وهذه المقابلة دليل ظاهر على ضرورة الحوار وفائدته، فقد رأينا كيف يمكن بالحوار ان يغير المرء قناعاته، كما هو الحال مع الشيخ علي والشيخ ناصر.
إن الحوار يكشف الحقيقة، ويساعد على رؤيتها، ويصرف طاقات الشباب من معاول هدم في مجتمعهم إلى طاقات فاعلة في البناء.
3- ومن مشكاة النبوة «لايلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين»، والمقابلة دعوة أخاذة للشباب الذين مازالوا على ذلك الفكر ان يعيدوا النظر مرة أخرى فيما هم عليه بتجرد وحيادية ونظر منصف لأدلة المخالفين، وليتذكروا ما جرى للجماعة الإسلامية في مصر التي قضت عشرين سنة تقريباً في هذا الطريق، ثم اكتشف زعماؤها عدم جدواها.
إن المجتمع الذي يعيد تجارب غيره دون الاعتبار بها قد فقد ميزة المؤمن العظيمة «لايلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين»، وسيبقى هذا المجتمع في حالة طفولة زماناً طويلاً، بينما المجتمعات التي تستفيد من التجارب تنمو وتكبر وتنضج ويبدأ آخرهم من حيث انتهى أولهم.
4- في مثل هذه الموضوعات الخطيرة وغير الخطيرة أيضاً يجب أن تكون أعمالنا بعد تفكير كاف، وذلك لا يتحقق إلا بالاستماع والتأمل لأدلة المخالف في جو هادئ يمكّن صاحبه من النظر الصحيح وهو في فسحة من أمره أن يتوقف حتى يتبين له الحق، وإذا كان القاضي نُهي عن القضاء وهو غضبان في حادثة، فكيف بالمسائل العامة التي تحتاج إلى «علم وخبرة»؟ وقد ركزت المقابلة على ذلك، فقد يؤتى الرجل في مسائل الأمة العامة من قلة التجربة والخبرة ولو سلم له علمه وإخلاصه.
والملاحظ أن كثيراً من القناعات تكون قناعات عاطفية يُمليها ضغط الأحداث والاحتقان العام وليس النظر في الأدلة والمواقف الصحيحة، والعاطفة وحدها تبلغ الضرر في صاحبها أكثر مما تصنعه في أعدائها.
وفي الجملة فيشكر للشيخين هذه العودة، ونسأل الله ان يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved