* كتب - جريد الجريد:
تعوَّد الناس في كافة مدن وقرى المملكة ومنها القريات على الاحتفال الذي يقام بمناسبة عيد الفطر المبارك وهو عادة ما يكون في يوم العيد او ثاني أيامه، حيث يعبّر الأهالي عن فرحتهم وبهجتهم بالعيد السعيد ويعتبرونه فرصة للالتقاء ببعضهم البعض وتبادل التهاني.
هذه الاحتفالات كان لها طعم خاص بالقريات منذ القدم، وكبار السن يقولون انهم كانوا يبدءون بها احتفالاتهم من ضحى العيد في قراهم من خلال اقامة العرضات والسامري وفلكلور الدحة والدبكة، وفي البادية كانوا ينظمون السباقات للهجن في كل عيد، واذكر قبل حوالي اثني عشر عاماً ان «نادي القريات» نظم احتفالات منطقة القريات «سابقاً» بعيد الفطر وكان احتفالا لا ينساه كل من حضره من أبناء القريات الذين مازالوا يتواجدون في تلك الأيام، كان مساءً جميلاً اجتمعت فيه فرحة العيد والتقاء الأهل والأصدقاء وحسن التنظيم والأداء، الكل شعر بالالفة والمحبة في وجوه الجميع، ومازالت اصوات طبول العرضة ولميع السيوف وترديد الصفوف ماثلة في الاذهان:
هذي «قريات» السعد يا سيدي والنظام
من عيالها لحدودكم تخيرون الخزيز
ومازلت اتذكر أصوات «الرواديد» في فلكلور الدحة:
هلا هلا لا به يا هلا
لا يحليفي يا ولد
لتنطلق بعدها اصوات الزئير من حناجر المصطفين «اييه - اييه - اييه» مصحوبة بصفقات الكفوف ويتمايل أمامهم ما يسمى «بالحاشي» روحةً ورجعة بحركات فنية خاصة «بالبشت» الذي كان يلبسه والسيف الذي في يده.
كانت القريات في ذلك المساء عائلة واحدة فحتى الجاليات شاركت في هذه المناسبة بفلكلوراتها التي اشتركنا معهم فيها كما اشتركوا معنا في فلكلوراتنا الشعبية.
مازلت اتذكر صفوف الشباب الممتدة وهي تتمايل على «تخفيق الطار» من يد «تحسين» في إحدى السامريات وحناجرهم مدوية في الافاق تردد:
يا صقع قلبي صقع دلوا طقه الجالي
حبله دقاقا وافلتوه اللي يحدرونه
ويستمر ليل السمر وتتعالى الضحات وتبدو علامات الانشراح على الوجوه لتنطلق حنجرة «تحسين» من جديد بسامريه أخرى.
كريم يا بارقا ينوض حدري
واللي سرى بالغداري يقتديبه
الى ضرب واديا خلاه يجري
خلا بيوت البداوه ترتويبه
استمر الاحتفال الى ساعات متأخرة من الليل، ارتسمت خلالها صورة مشرقة في اذهان الجميع للمحبة والالفة وللقريات المدينة الحبيبة، هذه الصورة التي نقلتها لكم من الذاكرة اختفت او اخفيت لا فرق إلا انها لم تعد موجودة في اعيادنا، رغم ما قامت به بلدية القريات مشكورة قبل سنتين تقريبا بتنظيم احتفال للعيد اعاد فينا الامل والفرحة ابتهجنا به وسرّ الجميع لكن الاحباط عاد من جديد عندما غيّبت القريات عن الاحتفالات بالعيد في العام الماضي وفي هذا العام وكأنى بها «تبكي» بحرقة وهي تتساءل لماذا أُحرم من فرحة العيد؟
|