بعد اكتشاف عربة يجرها حمار تحمل داخلها راجمة صواريخ مصنَّعة محلياً مغطاة بخضروات من «الجرجير والخس والكرات» التي يقبل عليها العراقيون.. وبعد اكتشاف بعض الحمير مفخخة، أصبحت قوات الاحتلال الأمريكية ترتاب في كلِّ حمار خوفاً من أن تكون المقاومة العراقية قد فخخت كل حمير العراق..!!
ويذكر زميلنا الدكتور حميد عبدالله من بغداد بأن سلطات الاحتلال الأمريكي وأجهزة الأمن العراقية التي شكَّلها الأمريكيون أصبحت ترى كلَّ حمار مشكوكاً فيه أمنياً حتى يثبت العكس..!!
وغدت كلُّ عربة يجرها حمار أو حصان مشتبهاً بها فربما تحمل نوعين من البضاعة أحدهما ظاهر والآخر خفي أو مغطى وبالتالي فإن على رجال الشرطة العراقيين ألاّ يكتفوا بمراقبة السيارات ويقرأوا وجوه المارة لفرز «المريب» من غيره بل صار عليهم أن يتابعوا حركة الحمير ويدققوا في طبيعة البضاعة التي تحملها العربات التي تجرها الحيوانات فربما تكون تلك العربات مفخخة أو يكون «الفجل» أو «الخس» غطاءً لعدد من الصواريخ الموجهة التي قد تستهدف موقعا أمريكيا أو مركزاً للشرطة العراقية، وقد يقضي أحد أعضاء مجلس الحكم أو وزير من وزراء العراق الجديد على يد حمار مفخخ!!
والخوف من الحمير، أوجد خوفاً حقيقياً من نوع آخر في أحد الأحياء الشهيرة في بغداد وبالتحديد في مدينة الثورة المدينة التي يقطنها فقراء بغداد الذين يزاولون أعمالاً بدائية يتعيَّشون منها، هذه المدينة التي أنشأها عبدالكريم قاسم وأطلق عليها اسم «الثورة» ليبدل اسمها النظام السابق فأسماها مدينة صدام، وغيَّرها أهلها إلى مسمى مدينة الصدر، في هذه المدينة حي كبير يعيش فيه باعة «النفط الأبيض» (الكاز) وهو ما يستعمل وبكثرة في أعمال الطبخ وموتورات «مواطير» الكهرباء والري وغيرها من المكائن التي تستعمل هذا المصدر الرخيص من الطاقة الذي ينقل بعربات خاصة تجرها الحمير، ولذلك فأهل بغداد يطلقون على هذا الحي من باب التندُّر أو الفكاهة «حي أوبك».. ولهذا فإن أهل حي أوبك متخوفون جداً من أن تقدَم سلطات الاحتلال الأمريكي والشرطة العراقية على إصدار قرار يمنع مرور الحمير في شوارع بغداد لأسباب أمنية، وهذا يعني أن الآلاف من أهالي حي الأوبك المتخصصين في بيع النفط الأبيض سوف يجدون أنفسهم بلا عمل لأن عملهم مرتبط بالحمير.. كما أن توقف «حمارة الأوبك» عن عملهم سيحرم أحياء بغداد من مصدر مهم من مصادر الطاقة التي يحتاجونها بشدة خاصة بعد انقطاع الكهرباء ولساعات طويلة عن أحياء كثيرة في بغداد التي يلجأ أهلها إلى استعمال النفط الأبيض في إشعال الفوانيس وإيقاد المواقد لتدفئة المنازل.
|